للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعُلِم منه: أنَّه يجوز نقْلُ الكفَّارة والنَّذْر والوصيَّة المطْلَقة في الأصحِّ، ونقلها إلَى دون مسافة قصر (١)، نَصَّ عليه (٢)؛ لأنَّه في حكم بلدٍ واحدٍ، بدليل أحكام رُخَص السَّفَر.

(فَإِنْ فَعَلَ فَهَلْ يُجْزِئُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ):

إحداهما: لا يُجزِئُ، اختاره الخِرَقِيُّ وابنُ حامِدٍ والقاضِي وجماعةٌ؛ كصَرْفها في غَيرِ الأصناف.

والثَّانيةُ، واختارها أبو الخطَّاب والمؤلِّف وصاحبُ «الوجيز»: الإجزاءُ؛ للعُموماتِ، ولأنَّه دَفَعَ الحقَّ إلَى مستحقِّه، فبَرِئَ كالدَّين.

(إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ لَا فُقَرَاءَ فِيهِ) بالكُلِّيَّة، أوْ كانوا وفَضَلَ عنهم؛ لأنَّ مُعاذًا بعث إلَى عُمَرَ صدقةً من اليمن، فأنكر عمر ذلك، وقال: «لم أبعثْك جابِيًا، ولكن بعثتك لتأخُذَ من أغنياء النَّاس فتَرُدَّها في فقرائهم»، فقال مُعاذٌ: «ما بعثْتُ إليك بشيء وأنا أَجِدُ من (٣) يأخذه مني (٤)» رواه أبو عُبَيدٍ (٥)، فينقُلُها، نَصَّ عليه (٦)، ومُؤْنةُ نقْلها على المالك؛ كالكَيل ونحوِه.

(فَيُفَرِّقُهَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِ)؛ لأنَّهم أَولَى، وحُكْمُ أهل البادية كذلك، ولو عبر «بموضع»؛ لكان أشمل.

ويُستثْنَى من الأول: ما لو كان نصابٌ من السَّائمة متفرِّقًا في بلدَينِ، فإنَّه


(١) في (ب) و (د) و (ز) و (و): القصر.
(٢) ينظر: مسائل ابن هانئ ١/ ١١٤.
(٣) في (أ): أحدًا.
(٤) قوله: (مني) سقط من (و).
(٥) أخرجه أبو عبيد في الأموال (١٩١٢)، من طريق عمرو بن شعيب، أن معاذًا، وذكر القصة، وعمرو لم يدرك معاذًا ، وفيه خلاد بن عطاء، وهو مجهول. ينظر: الإرواء ٣/ ٣٤٥.
(٦) ينظر: بدائع الفوائد ٤/ ٦٧.