للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَإِنْ صَدَّقَ المُكَاتَبَ سَيِّدُهُ، أَوِ الغارِمَ غَرِيمُهُ؛ فَعَلَى وَجْهَيْنِ):

أصحُّهما: يُقبَل؛ لأِنَّ الحقَّ في العبد للسيِّد، فإذا أقرَّ بانتقال حقِّه عنه؛ قُبِل، والغريم في معناه.

والثَّانِي: لا يُقبَل إلاَّ ببيِّنةٍ؛ لجواز تواطُئِهما على أخْذ المال.

وقدَّم في «الفروع» فِي المكاتَب: أنَّه لا يُقبَل إلاَّ ببيِّنةٍ، وهو غريبٌ.

(وَإنِ ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْغِنَى؛ قُبِلَ قَوْلُهُ)؛ لأِنَّ الأصلَ اسْتِصْحابُ الحال السَّابقة، والظَّاهِرُ صِدْقُه ولو كان متجمِّلاً، ذَكَرَه في «الشَّرح»، ويُخبِرُه بأنَّها (١) زكاةٌ.

(وَإِنْ رَآهُ جَلْدًا)؛ أيْ: شديدًا قويًّا، (وَذَكَرَ أَنَّه لَا كَسْبَ لَهُ؛ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ) وِفاقًا (٢)؛ لأنَّه لم يُحلِّفْ على ذلك، (بَعْدَ أَنْ يُخْبِرَهُ) على سبيل الإيجاب (٣): (أَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ)؛ لما رَوَى عُبيد الله بن عَدِيِّ بن الخِيار: أنَّ رجلَينِ أتَيَا النَّبيَّ فسألاه شَيئًا، فصَعَّدَ فيهما (٤) النَّظَرَ فرآهما جَلْدَين، فقال: «إنْ شِئْتُما أعْطَيتُكما، ولا حظَّ فيها لِغَنِيٍّ، ولا لِقَوِيٍّ مُكتَسِبٍ» رواه أبو داودَ (٥).

لكنْ إذا تفرَّغ للعلم وتعذَّر الجمْعُ، لا (٦) إن تفرَّغ للعبادة.


(١) في (د) و (و): أنها.
(٢) ينظر: المجموع للنووي ٦/ ١٨٩، الفروع ٤/ ٣٠٥.
(٣) كتب على هامش الأصل: (ذكره في الفروع توجيهًا).
(٤) في (د) و (و): منهما.
(٥) أخرجه أحمد (٢٣٠٦٣)، وأبو داود (١٦٣٣)، والنسائي (٢٥٩٨)، والدارقطني (١٩٩٤)، وإسناده صحيحٌ، قال أحمد: (ما أجوده من حديث)، وصحَّحه النَّوويُّ وابن عبد الهادي وابن الملقِّن والألباني. ينظر: المجموع ٦/ ٢٢٨، تنقيح التَّحقيق ٣/ ١٦٩، نصب الراية ٢/ ٤٠١، البدر المنير ٧/ ٣٦١، الإرواء ٣/ ٣٨١.
(٦) في (ز): إلا.