للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«كَفَى بالمرْء إثْمًا أن يُضيِّع مَنْ يَعُول» رواه أحمد وأبو داود (١)، ولمسلمٍ معناه من حديث عبد الله بن عمرو (٢)، وإثْمُه؛ لتركه الواجِبَ.

قال الأصحاب: وكذا إنْ أضَرَّ بنفسه أو بغريمه أو بكَفالته.

وظاهِرُ كلام جماعةٍ: إن لم يَضُرَّ فالأصلُ الاِستحبابُ.

وجزم في «الرِّعاية» وغيرها: أنَّه يُكرَه التَّصدُّق قبل الوفاء والإنفاق الواجب.

(وَمَنْ أَرَادَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ) وكان مُنْفَرِدًا، (وَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّلِ)، وهو عبارةٌ عن الثِّقة بما عِنْدَ الله، واليَأْسِ عمَّا في أيْدِي النَّاس، (وَالصَّبْرَ عَنِ (٣) الْمَسْأَلَةِ؛ فَلَهُ ذَلِكَ)، وحكاه عِياضٌ عن جمهور العلماء (٤) وأئمَّة الأمصار؛ لقوله تعالى (٥): ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحَشر: ٩]، وجاء أبو بكْرٍ بجميع ما عِندَه، فقال له النَّبيُّ : «ما أبْقَيتَ لأهلك»، فقال: اللهَ ورسولَه (٦)، فكان هذا فضيلةً في حقِّ الصِّدِّيق؛ لقوَّة


(١) أخرجه أحمد (٦٤٩٥)، وأبو داود (١٦٩٢)، والنسائي في الكبرى (٩١٣١)، وابن حبان (٤٢٤٠) والحاكم (١٥١٥)، من حديث عبد الله بن عمرو ، وفي سنده وهَب بن جابرٍ الخَيواني، وهو مجهولٌ كما قاله ابن المديني والنَّسائي، وقال الذهبي: «لا يكاد يُعرف، تفرَّد عنه أبو إسحاق»، وتابعه خيثمة بن عبد الرَّحمن: أخرجه مسلمٌ (٩٩٦)، بلفظ: «كفَى بالمرءِ إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته»، فحديثُ وهب صحيح بهذه المتابعة، وصححه ابن حبان والبغوي. ينظر: ميزان الاعتدال ٤/ ٣٥٠، تهذيب الكمال ٣١/ ١٢٠، شرح السنة للبغوي ٩/ ٣٤٢، الإرواء ٣/ ٤٠٦.
(٢) أخرجه مسلم (٩٩٦).
(٣) في (د) و (و): على.
(٤) في (أ): الأصحاب. وينظر: إكمال المعلم ٣/ ٥٦٧.
(٥) قوله: (لقوله تعالى) سقط من (ب) و (د) و (ز) و (و).
(٦) أخرجه أبو داود (١٦٧٨)، والترمذي (٣٦٧٥)، والبزار (٢٧٠)، وهو حديث حسن، في سنده هشام بن سعد المدني، وهو صدوق له أوهام، وقوى حديثه هذا جماعة، قال الترمذي: (هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ)، وقال البزار: (ولم نر أحدًا توقَّف عن حديثِه، ولا اعتلَّ عليه بعلةٍ تُوجِب التَّوقف عن حديثه)، وصححه الحاكم، وحسَّنه الضِّياء المقدسيُّ والألباني. ينظر: الأحاديث المختارة ١/ ١٧٣، صحيح سنن أبي داود ٥/ ٣٦٦.