للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإمساكُ؛ كمَنْ لم يَعلَمْ برؤية الهلال إلاَّ بعد طلوع الفجر، أوْ نَسِيَ النِّيَّةَ، أوْ أَكَل عامِدًا ثمَّ جامَع، فتجب (١) عليه الكفَّارة؛ لهتكه (٢) حُرْمة الزَّمن به، ولأِنَّها تَجِبُ علَى المستديم للوطْء، ولا صَوم هناك، وكذا (٣) هنا، فمراده بالتَّشْبيه: وجوب الكفَّارة، لا التَّكرار.

لكنْ نَصَّ أحمدُ في مسافِرٍ قدِم مُفْطِرًا، ثمَّ جامَعَ: لا كفَّارةَ عليه (٤)، وحمله القاضِي وأبو الخطَّاب على رواية: لا يلزمه الإمساكُ، وحَمَلَه المجْدُ على ظاهره، وهو وجْهٌ؛ لضعف هذا الإمساك؛ لأِنَّه سنَّةٌ عِنْدَ أكثرِ العلماء.

وفي «تعليق القاضِي» وجْهٌ فيمن تَرَكَ النِّيَّةَ وجامَعَ: لا كفَّارةَ عليه،

وإن أكل ناسيًا (٥)، واعْتَقَد الفِطْرَ به، ثمَّ جامَع؛ فكالنَّاسِي والمُخْطِئِ، إلاَّ أنْ يَعْتَقِدَ وجوبَ الإمساكِ؛ فيُكفِّرُ فِي الأَشْهَر.

(وَلَوْ جَامَعَ وَهُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ مَرِضَ، أَوْ جُنَّ، أَوْ سَافَرَ؛ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ)، نَصَّ عليه فيما إذا مَرِض (٦)؛ لأِمْره الأعرابِيَّ بالكفَّارة، ولم يَسْأَلْه (٧) ولأِنَّه أفْسَدَ صَومًا واجبًا من رمضان بجماعٍ تامٍّ، فاستقرَّت عليه الكفارة، كما لو لم يَطْرَأ العُذْرُ.

لا يُقال: تَبَيَّنَّا أنَّ الصَّومَ غَيرُ مُسْتَحَقٍّ عند الجماع؛ لأِنَّ الصَّادِقَ لو أخْبَرَه أنَّه سَيَمْرَضُ أوْ يَموتُ؛ لم يَجُزِ الفَطْرُ، والصَّومُ لا تَتَجَزَّأُ صِحَّتُه، بل لزومه،


(١) في (و): فيجب.
(٢) في (أ): لهتك.
(٣) في (و): فكذا.
(٤) ينظر: الفروع ٥/ ٤٦، والذي في مسائل ابن منصور ٣/ ١٢٢٠: عليه الكفارة، وأما عدمها فمن قول إسحاق لا أحمد.
(٥) قوله: (ناسيًا) سقط من (أ).
(٦) ينظر: مسائل ابن منصور ٣/ ١٣٢٥.
(٧) سبق تخريجه ٣/ ٥٣٩ حاشية (١).