للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَالْأَفْضَلُ الاِعْتِكَافُ فِي الْجَامِعِ إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ تَتَخَلَّلُهُ)؛ لئلاَّ يَحتاجَ إلى الخروج إليها فيَتْرُك الاعتكافَ، مع إمكان التَّحرُّز منه، ولا يلزم ذلك، وقاله أكثر العلماء، ولأِنَّه خرج لما لا بُدَّ منه، فكأنَّه اسْتَثْنَى الجُمُعةَ بلفظه، ولا يتكرَّر بخلاف الجماعة.

وفي «الانتصار» وجْهٌ: يَلزَم، فإن اعتكف فِي غيره؛ بَطَلَ بخروجه إليها؛ لأنَّه أمكنه التَّحرُّز منه.

لكن إن عيَّن بنذره المسجد الجامع؛ تعيَّن موضع الجمعة، فلو (١) اعتكف فيما تقام فيه الجمعة فقط؛ لم يصحَّ إن وجبت الجماعة.

وظاهره: أنَّ الجمعة إذا لم تتخلَّل اعتكافه؛ لم يكن الجامعُ أفضلَ من غيره؛ لأنَّه لا يحتاج إلى الخروج.

ولو اعتكف من لا تلزمه (٢) الجمعة في مسجدٍ لا تصلى فيه؛ بطل بخروجه إليها، إلاَّ أن يشترطه؛ كعيادة المريض.

(وَمَنْ نَذَرَ الاِعْتِكَافَ أَوِ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ؛ فَلَهُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ)؛ لأِنَّ الله تعالَى لم يُعيِّن لعبادته موضِعًا، فلم يَتعيَّن بالنَّذر، ويبطل ببقاع الحجِّ، وفيه نَظَرٌ، ولو تعيَّن؛ احتاج إلى شدِّ رَحْلٍ، ذكره الأصحاب.

ولعلَّ مرادَهم: إلا (٣) مسجدَ قُباء؛ «لأِنَّه كان يأتيه كلَّ سبتٍ راكبًا أو ماشيًا، ويُصلِّي فيه ركعتَين»، وكان ابن عمر يفعله، متَّفقٌ عليه (٤).

فإن لم يَحتَجْ إلَى شدِّ رحْلٍ؛ فظاهِرُ «الانتصار» و «المغني» و «الشَّرح»: يلزم.


(١) في (أ): فإن.
(٢) في (و): لا يلزمه.
(٣) زيد في (و): في.
(٤) أخرجه البخاري (١١٩١)، ومسلم (١٣٩٩).