للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَالْبُلُوغُ والحُرِّيَّةُ)، هما شرطان للوجوب والإجزاء.

(فَلَا تَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ)؛ للخبر (١)، ولأنه غير مكلَّفٍ، (وَلَا عَبْدٍ)؛ لأن مدتهما تطول، فلم يجبا عليه؛ لما فيه من إبطال حق السيد كالجهاد. وفيه نظر؛ لأنَّ القصد منه الشهادة.

(وَيَصِحُّ مِنْهُمَا)؛ لما روى ابن عبَّاسٍ: أن امرأةً رفعت إليه صبيًّا، فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجْرٌ» رواه مسلمٌ (٢)، والعبد من أهل العبادة؛ فصحَّا منه كالحرِّ.

(وَلَا يُجْزِئُهُمَا) عن حجَّة الإسلام بعد زوال المانع، وعليهما الحجُّ والعمرة بعد البلوغ والعتق؛ لما روى ابن عبَّاسٍ: أنَّ النَّبيَّ قال: «أيُّما صبيٍّ حجَّ ثمَّ بلغ؛ فعليه حجَّة أخرى، وأيُّما عبدٍ حجَّ ثمَّ عَتَق؛ فعليه حجَّة أخرى» رواه الشافعي والبيهقي، قال بعض الحفَّاظ: لم يرفعه إلاَّ يزيد بن زُريع عن شعبة، وهو ثقةٌ (٣)، ولأنَّهما فعلا ذلك قبل الوجوب عليهما، فلم يجزئهما إذا صارا من أهله؛ كالصَّبيِّ يصلِّي ثمَّ يبلغ في الوقت، وهذا قول عامَّة العلماء إلاَّ شذوذًا، بل حكاه ابن عبد البر إجماعًا (٤).

تنبيهٌ: المكاتَب، والمدبَّر، وأمُّ الولد، والمعتَق بعضه؛ كالقِنِّ.

(إِلاَّ أَنْ يَبْلُغَ) الصَّبيُّ، (وَيَعْتِقَ) العبدُ، (فِي الْحَجِّ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ عَرَفَةَ، وَفِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِهَا؛ فَيُجْزِئُهُمَا)؛ لأنَّهما أتيا بالنُّسك حال الكمال،


(١) في (د) و (و): الخبر. ومراده والله أعلم حديث: «رفع القلم عن ثلاث» وقد سبق تخريجه ١/ ٤٤٨ حاشية (١).
(٢) أخرجه مسلم (١٣٣٦).
(٣) أخرجه الشافعي (ص ١٠٧)، والبيهقي في الكبرى (٩٨٤٩)، واختلف في رفعه ووقفه، ورجح البيهقي وابن عبد الهادي وابن حجر وقفه، وصحح الحاكم وابن الملقن رفعه، وقال الألباني: (صحيح الإسناد مرفوعًا وموقوفًا، وللمرفوع شواهد ومتابعات يتقوى بها). ينظر: المحرر (٦٦٣)، البدر المنير ٦/ ١٦، الإرواء ٤/ ١٥٥.
(٤) ينظر: التمهيد ١/ ١٠٦.