للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَنْقَلِبُ إِحْرَامُهُ بِعُمْرَةٍ)، قدَّمه في «الفروع»، واختاره الأكثرُ، وهو المذهب؛ لقول عمرَ لأبِي أيُّوب لمَّا فاته الحجُّ: «اصْنَعْ ما يَصنَع المعتمِرُ، ثمَّ قد حلَلْتَ فإنْ أدْركْتَ الحجَّ قابِلاً فحُجَّ، وأهْدِ ما اسْتَيْسَر من الهَدْي» رواه الشَّافعيُّ (١)، وروى النجاد بإسناده عن عَطاءٍ مرفوعًا نحوَه (٢)، ولأنَّه يجوز فسخ الحجِّ إلى العمرة من غير فواتٍ، فمعه أَوْلَى.

وهذا إن لَمْ يختر البقاءَ على إحرامه ليَحُجَّ مِنْ قابِلٍ.


(١) أخرجه مالك (١/ ٣٨٣)، ومن طريقه الشافعي في الأم (٢/ ١٨١)، والبيهقي في الكبرى (٩٨٢١)، عن سليمان بن يسار أن أبا أيوب الأنصاري خرج حاجًّا، وذكره. أعله البيهقي بالانقطاع، قال الحافظ في التلخيص ٢/ ٦٠٧: (إسناده ثقات لكن صورته منقطع؛ لأن سليمان وإن أدرك أبا أيوب، لكنه لم يدرك زمن القصة ولم ينقل أن أبا أيوب أخبره بها، لكنه على مذهب ابن عبد البر موصول)، وقال الألباني في الإرواء ٤/ ٣٤٤ عن إعلال البيهقي: (وفيه نظر، فإنه أدركه وكان عمره حين وفاة أبي أيوب نحو ست عشر سنة).
(٢) أخرجه الدارقطني (٢٥١٩)، من طريق يحيى بن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعًا: «من أدرك عرفات فوقف بها والمزدلفة فقد تمَّ حجه، ومن فاته عرفات فقد فاته الحج؛ فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل».
وأخرجه الدارقطني (٢٥١٨)، من طريق رحمة بن مصعب، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء ونافع، عن ابن عمر أن رسول الله قال: «من وقف بعرفات بليل فقد أدرك الحج، ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل»، وهما حديثان ضعيفان، كلاهما مدارهما على ابن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ، وفي الأول: يحيى بن عيسى الرملي صدوق له أوهام، والثاني فيه: رحمة بن مصعب، قال ابن معين: (ليس بشيء)، وضعفه الدارقطني، وقال ابن عبد الهادي: (والأشبه في هذين الحديثين الوقف)، وضعفه مرفوعًا أيضًا ابن الجوزي وابن حجر.
وأخرجه ابن أبي شيبة (١٣٦٨٥)، من طريق علي بن هاشم، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، أن نبي الله قال: «من لم يدرك فعليه دم ويجعلها عمرة، وعليه الحج من قابل»، وهو مرسل وفيه ابن أبي ليلى، وقد سبقت حاله، وقوَّاه ابن تيمية بغيره من أقوال الصحابة. ينظر: التحقيق ٢/ ١٥٧، شرح العمدة ٢/ ٦٥٩، تنقيح التحقيق ٣/ ٥٥٢، التلخيص الحبير ٢/ ٦٠٦.