للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواجبة (١) في النُّسُك؛ بترك واجبٍ أو فعل محظورٍ، (وَالمنْذُورِ فِي الذِّمَّةِ)، فشمِل قسمَيْن: ما وجب بغيره، وما وجب بالنَّذر؛ (فَإِنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهَا)؛ لأنَّ عليه دمًا سليمًا، ولم يوجد ذلك، فلم يجزئْه، وكما لو كان لرجل عليه دينٌ، فاشترى منه مَكِيلاً، فتلف قبل قبضه؛ انفسخ (٢) البيع، وعاد الدَّين إلى ذِمَّته، ويلزمه أفضلُ مِمَّا في الذِّمَّة إن كان تلفه بتفريطه.

فلو وَلَدَت؛ فهل يتبعها الولد كما تبعها ابتداءً، فيبطل التَّعيين فيه، أو لا؛ لأنَّ البطلانَ في الأمِّ لمعنى (٣) اختصَّ بها؟ فيه وجهان.

(وَهَلْ لَهُ اسْتِرْجَاعُ هَذَا الْعَاطِبِ وَالمَعِيبِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ)، كذا في «المحرَّر»:

أصحُّهما: ليس له اسْتِرجاعُ ذلك إلى ملكه؛ لأنَّه تعلَّق به حقُّ الفقراء بتعيينه، فلزمه ذبحه، كما لو عيَّنه بنذره ابتداءً.

والثَّانية: له اسْتِرْجاعُه إلَى ملكه (٤)، فيصنع به ما شاء، وهو ظاهِرُ الخِرَقِيِّ، وجزم به في «الوجيز»؛ لأنَّه إنَّما عيَّنه عمَّا في ذمَّته، فإذا لَمْ يَقَعْ عنه (٥)؛ عاد إلَى صاحبه، كمن أخْرَج زكاةً فبان أنَّها غيرُ واجبةٍ.

(وَكَذَلِكَ إِنْ ضَلَّتْ، فَذَبَحَ بَدَلَهَا، ثُمَّ وَجَدَهَا)؛ أي: فيها الخلاف السَّابق؛ للمساواة، والمذهب: ذَبَحه مع ذبح الواجب، رُوِي عن عُمَرَ، وابنِه، وابنِ عبَّاسٍ (٦)؛ لأنَّ عائشةَ أهْدَتْ هَدْيَيْنِ وأضلَّتهما، فبعث إليها ابنُ


(١) في (و): الواجب.
(٢) في (د) و (و): لنفسخ.
(٣) في (ز) و (و): بمعنى.
(٤) قوله: (لأنه تعلق به حق الفقراء … ) إلى هنا سقط من (ب) و (د) و (ز) و (و).
(٥) في (د) و (و): منه.
(٦) أثر عمر : أخرجه ابن أبي شيبة (١٤٤٤٢)، عن ماعز بن مالك أو مالك بن ماعز الثقفي قال: ساق أبي هديينِ عن نفسه وامرأته وبنته، فأضلهما بذي المجاز، فلما كان يوم النحر ذكر ذلك لعمر، فقال: «تربص اليوم وغدًا وبعد، فإنما النحر في هذه الثلاثة أيام، فإن وجدت هدييك فانحرهما جميعًا، فإن لم تجدهما، فاشترْ هديين في اليوم الثالث فانحرهما، ولا يحل منك حرامًا حتى تنحرهما أو هديين آخرين، فإن نحرت الهديين اللذين اشتريت ووجدت الهديين الضالين بعد فانحرهما»، ورجاله ثقات إلا ماعز بن مالك، ذكره ابن أبي حاتم وسكت عنه.
وأثر ابن عمر : أخرجه ابن أبي شيبة (١٤٤٤٣)، عن أبي الخصيب القيسي، أنه أهدى عن أمه بدنة، فأضلها، فاشترى مكانه أخرى، فقلدها، ثم وجد الأولى، فسأل ابن عمر فقال: «انحرهما جميعًا»، أبو الخصيب القيسي قال فيه ابن حجر: (مقبول). وأخرجه ابن أبي عروبة في المناسك (١١٤)، عن قتادة، عن ابن عمر ، وهو مرسل، والأثر يتقوى بمجموع الطريقين.
وأثر ابن عباس : أخرجه ابن أبي شيبة (١٤٤٤٤)، عن أبي طالب الحجام، عن ابن عباس قال: «ينحرهما جميعًا»، إسناده صحيح.