للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه نَظَرٌ، فإن عوفًا قال لخالد: أمَا تعلمُ أنَّ النَّبيَّ قضى بالسَّلَب للقاتِلِ؟ قال: «بلى» رواه مسلمٌ (١)، فدل على أنَّ هذا من قضايا النبي العامة (٢) المشهورة، وأنَّه حُكمٌ مستمِرٌّ لكلِّ قاتِلٍ.

(وَإِنْ قَطَعَ أَرْبَعَتَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ؛ فَسَلَبُهُ لِلْقَاطِعِ) وحدَه؛ لأنَّه « أعطى معاذَ ابنَ عَمْرو بن الجَموح سَلَبَ أبي جهل، ولم يُعْطِه ابنَ مسعودٍ، مع أنَّه تمَّم (٣) قَتْلَه» (٤)؛ لأِنَّ القاطِعَ هو الذي كفى المسلمين شرَّه.

(وَإِنْ قَتَلَهُ اثْنَانِ؛ فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ) في ظاهر كلامه؛ لأِنَّه لم يُشرِّك بين اثنَينِ في سَلَبٍ، ولأِنَّه إنّما يُستحَقُّ بالتَّغرير في قَتْله، ولا يَحصُل بالاشتراك، فوجب كونُه غنيمةً، كما لو قَتَله جماعةٌ.

(وَقَالَ الْقَاضِي) والآجُرِّيُّ: (هُوَ لَهُمَا)؛ أي: يشترِكان في سَلَبِه؛ لعموم: «مَنْ قَتَلَ قتيلاً فله سَلَبُه» (٥)، ولأِنَّهما اشتركا في السَّبب، فيشترِكان في السَّلَب، فلوِ اشْتَركا في ضَرْبه، وكان أحدُهما أبلغَ في قَتْلِه من الآخَرِ؛ فله سَلَبُه.

(وَإِنْ أَسَرَهُ، فَقَتَلَهُ الْإِمَامُ) أو غيرُه؛ (فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ)؛ لأنَّ الذي أسَرَه لم يَقْتُله، والغير لم يغرِّرْ بنفسه في قَتْله.

وكذا لو استَحْياه الإمامُ؛ فرقبتُه (٦) إنْ رُقَّ، وفداؤه إنْ فُدِيَ؛ غنيمةٌ؛ لأنه قد أسر المسلمون يوم بدر أسرى، فقتل النَّبيُّ منهم، واسْتَبْقى منهم، ولم يُنْقَل أنَّه أعطى أحدًا ممَّن أسَرَهم سَلَبًا ولا فِداءً.


(١) أخرجه مسلمٌ (١٧٥٣).
(٢) في (ح): لعامة.
(٣) في (ب) و (ح): تحتم.
(٤) أخرجه مسلم (١٧٥٢).
(٥) تقدم تخريجه ٤/ ٤٩١ حاشية (٥).
(٦) في (ح): فرقَّته.