للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ أَطْلَقُوهُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْعَثَ لَهُمْ مَالاً) باختياره؛ لزمه إنفاذ المال إليهم إذا قدر عليه؛ لأِنَّه عاهدهم على أداء مالٍ، فلزمه الوفاءُ به كثمن البيع.

(وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ عَادَ إِلَيْهِمْ؛ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ لَهُمْ) نَصَّ عليهما (١)، ولأِنَّ في الوفاء مصلحةً للأسارى، وفي الغدر مَفْسَدَةً في حقِّهم؛ لكونهم لا يأمنون بعده، والحاجةُ داعيةٌ إليه.

(إِلاَّ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ؛ فَلَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ)؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ﴾ [المُمتَحنَة: ١٠]، ولأِنَّ في رجوعها تسليطًا لهم على وطئها حرامًا.

(وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: لَا يَرْجِعُ الرَّجُلُ أَيْضًا)، وهو روايةٌ عن أحمدَ، وقاله الحسنُ والنَّخَعِيُّ والثَّوريُّ؛ لأِنَّ الرُّجوعَ إليهم والبقاءَ في أيديهم معصيةٌ، فلم يلزم بالشَّرط؛ كالمرأة، وكما (٢) لو شرط قَتْل مسلِمٍ.

والأوَّلُ المذهبُ؛ لأِنَّه « لمَّا عاهد قريشًا على ردِّ مَنْ جاء مسلِمًا، فردَّ أبا جَنْدَلٍ إلى أبيه سُهَيلٍ» (٣)، ولم يأت (٤) أحدٌ من الرِّجال في تلك المدَّة إلاَّ ردَّه.

فإنْ تعارَضَ فِداءُ عالِمٍ وجاهِلٍ؛ بُدِئَ بالجاهل؛ للخَوف عليه، وقيل: بالعالِم لشَرَفه، وحاجتِنا إليه، وكثرة الضَّرر بفتنته.

ولو جاء العِلْجُ بأسيرٍ على أن يفادي بنفسه، فلم يجد، قال أحمد (٥): يفديه المسلمون إن لم يُفْدَ من بيت المال، ولا يُرَدُّ.


(١) في (ح): عليها. وينظر: مسائل أبي داود ص ٣٣٣.
(٢) في (ح): كما.
(٣) كما في صحيح البخاري (٢٧٣١)، من حديث عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، وأخرجه مسلم (١٧٨٤)، من حديث أنس .
(٤) قوله: (يأت) سقط من (أ).
(٥) ينظر: مسائل أبي داود ص ٣٣٣.