للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زكاة المسلمين.

(وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ نِسَائِهِمْ، وَصِبْيَانِهِمْ، ومَجَانِينِهِمْ)، وكذا مَكافِيفُهم، وشيوخُهم؛ لأنَّ اعتبارها بالأنفس سقط، وانتقل إلى الأموال بتقريرهم، فيُؤخَذَ من كلِّ مالٍ زكوي، سواءٌ كان صاحبُه من أهل الجزية أو لم يكن، ولأنَّ نساءهم وصبيانهم صِينوا عن السبي بهذا الصُّلح، ودخلوا في حكمه، فجاز أن يدخلوا في (١) الواجب به، كالرِّجال العقلاء.

فعلى هذا: من كان فقيرًا، أو له مالٌ غير زَكَوِيٍّ؛ فلا شَيءَ عليه، كما لا تجب على أهل الزَّكاة من المسلمين، وحينئِذ يتقيَّد بالنِّصاب.

(وَمَصْرِفُهُ (٢) مَصْرِفُ الْجِزْيَةِ) في الأَشْهَر (٣)؛ لأنَّه مأخوذٌ من مشركٍ، فكان جزيةً، وغايته: أنَّه جزيةٌ مسمَّاةٌ بالصَّدقة، ولذلك قال عمر: «هؤلاء حَمْقى، رَضُوا بالمعنى وأبَوا الاسم» (٤).

(وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: مَصْرِفُ الزَّكَاةِ)، هذا رواية، واختارها جمْعٌ؛ لأنه مسمَّى بالصدقة، فكان مصرفُه مصرفَها.

والأوَّلُ أقْيَسُ؛ لأنَّ المعنى أخصُّ من الاسم، ولو كان صدقةً على الحقيقة؛ لجاز دفعها إلى فقراء من أخذت منهم؛ كصدقة المسلمين.


(١) في (أ): إلى.
(٢) في (ح): ويصرفه.
(٣) في (أ): الأسهم.
(٤) أورده الموفق في المغني ٩/ ٣٤٤، وذكره ابن الملقن في البدر المنير ٩/ ٢١٢، والحافظ في التلخيص ٤/ ٣٢١، عن الرافعي في الشرح الكبير، ولم يعزوه لأحد، وتقدم معناه قريبًا من قول الشافعي: (وهكذا حفظ أهل المغازي وساقوه أحسن من هذا السياق فقالوا: رامهم على الجزية فقالوا: نحن عرب ولا نؤدي ما تؤدي العجم، ولكن خُذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض -يعنون الصدقة-، فقال عمر : «لا، هذا فرض على المسلمين»، فقالوا: فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية، ففعل، فتراضى هو وهم على أن ضعَّف عليهم الصدقة).