للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في نصفه؛ فنصفها على هذا الحساب، ولا يترك حتَّى يُتِمَّ حولاً من حين وُجد سببُه؛ لأنه يُحتاج إلى إفراده بحولٍ، وضبط كلِّ إنسانٍ بحَولٍ يَشُقُّ ويتعذَّر.

(وَمَنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ؛ لُفِّقَتْ إِفَاقَتُهُ)؛ لأِنَّه أمكن من غير مشقَّةٍ، (فَإِذَا بَلَغَتْ) إفاقتُه (حَوْلاً؛ أُخِذَتْ مِنْهُ)؛ لأِنَّ حَولَه لا يَكمُل إلاَّ حينئِذٍ.

(وَيَحْتَمِلُ) -هذا قولٌ في المذهب-: (أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ فِي آخِرِ كُلِّ حَوْلٍ (١) بِقَدْرِ إِفَاقَتِهِ مِنْهُ)؛ لأِنَّها تؤخذ في كلِّ حَولٍ، فوجب الأخذ بحسابه؛ كالمعتق بعضُه.

وقيل: يُعتَبَر الغالِبُ؛ لأِنَّ الأكثرَ له حكمُ الكلِّ.

وقيل: فيمن لا يَنضَبِط أمره خاصَّةً؛ لأِنَّ مراعاةَ ذلك غير ممكِنٍ.

(وَتُقْسَمُ الْجِزْيَةُ بَيْنَهُمْ)؛ أي: بين (٢) أهل الكتاب ومَن في معناهم، (فَيُجْعَلُ عَلَى الغَنِيِّ: ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا)، وهي أربعةُ دنانيرَ، (وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ: أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ)، وهي ديناران، (وَعَلَى الْفَقِيرِ: اثْنَا عَشَرَ)، وهي دينارٌ؛ لفعل عمر ذلك بمَحْضَر من الصَّحابة (٣)، ولم يُنكَر، فكان كالإجماع.

ويُجاب عن قوله لمعاذٍ: «خُذْ من كلِّ حالمٍ دِينارًا» (٤): بأنَّ الفقير كان في أهل اليمن أغلب، ولذلك قيل لمجاهِدٍ: ما شأْنُ أهل الشَّام عليهم أربعة دنانيرَ، وأهل اليمن عليهم دينارٌ؟ قال: (جعل ذلك من أجل اليَسَار) (٥).

وبأنَّ الجزية يُرجَع فيها إلى اجتهاد الإمام، وليس التقدير واجبًا؛ لأِنَّها وجَبَتْ صَغارًا وعقوبةً، فاختلفت (٦) باختلافهم، وليست عِوَضًا عن سكنى


(١) قوله: (آخر كل حول) هو في (أ): آخر الحول.
(٢) في (أ): من.
(٣) تقدم تخريجه ٤/ ٥٥٠ حاشية (١).
(٤) تقدم تخريجه ٣/ ٢٢٥ حاشية (٢).
(٥) علقه البخاري (٤/ ٩٦)، ووصله عبد الرزاق (١٠٠٩٤)، وإسناده صحيح.
(٦) في (ح): واختلفت.