للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَإِنْ صُولِحُوا فِي (١) بِلَادِهِمْ عَلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ)، أو الخراج (٢)؛ (لَمْ يُمْنَعُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ)؛ لأِنَّ بلدهم ليس ببلد إسلامٍ؛ لعدم ملك المسلمين، فلا يمنعون من إظهار دينهم فيه كمنازلهم، بخلاف أهل الذِّمَّة، فإنَّهم في دار الإسلام، فمُنِعوا منه.

(وَيُمْنَعُونَ دُخُولَ الْحَرَمِ)، نَصَّ عليه (٣)؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التّوبَة: ٢٨]، والمراد: حَرَم مكَّةَ (٤)، ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً﴾ [التّوبَة: ٢٨] يريد ضررًا بتأخير الجلب عن الحرم، دون المسجد، يؤيده (٥) قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [الإسرَاء: ١]؛ أي: من الحرم؛ لأنَّه أُسْرِيَ به من بيت أمِّ هانئٍ، لا من نفْس المسجد (٦).

وإنَّما مُنِع منه دون الحجاز؛ لأنَّه أفضلُ أماكن العبادات للمسلمين وأعظمها؛ لأنَّه محلُّ النُّسُك، فوجب أن يمتنع منه من لا (٧) يؤمن به.


(١) في (ح): على.
(٢) في (ب) و (ح): والخراج.
(٣) ينظر: مسائل ابن منصور ٩/ ٤٦٩٢.
(٤) زاد في (أ): لقوله.
(٥) في (أ): يؤكده.
(٦) أخرجه الطبري في تفسيره (١٤/ ٤١٤)، من حديث أمّ هانئ بنت أبي طالب في مسرى النبي ، أنها كانت تقول: «ما أُسري برسول الله إلاَّ وهو في بيتي نائمٌ عندي تلك اللّيلة، فصلّى العشاء الآخرة، ثمّ نام ونِمنا … »، وفيه محمد بن السّائب الكَلبي، وهو متروك بمرّة ساقط، قاله ابن كثير، وعدّ ابن حجر إسراءه من بيت أمّ هانئ من منكرات الكلبي، وأخرجه الطبراني في الكبير (١٠٥٩)، وفيه: عبد الأعلى بن أبي المساور، وهو متروك منكر الحديث، وأخرج نحوه ابن سعد (١/ ٢١٣) عنها وعن ابن عباس ، وفيه الواقدي، وهو متَّهم. ينظر: تهذيب الكمال ١٦/ ٣٦٨، تفسير ابن كثير ٥/ ٤٠، الإصابة ٨/ ٣٣٢.
(٧) قوله: (لا) سقط من (ح).