للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنَّ السُّنَّة أحقُّ أن تُتَّبَعَ؛ لأنَّ أسفلَه مَظِنَّة ملاقاةِ النَّجاسةِ وكثرةِ الوسَخ، فمسحُه يفضي إلى تلويث اليد من غير فائدة.

وقيل: يُسَنُّ، وهو ظاهِرُ كلام ابن أبي موسى؛ «لأنَّه مسح أعلى الخفِّ وأسفله» رواهُ أحمدُ، وقال: (رُوِي هذا من وجهٍ ضعيفٍ) (١)، والتِّرمذي، وقال: (معلول، وسألت أبا زرعة ومحمَّدًا عن هذا الحديث فقالا: ليس بصحيح) (٢).

أمَّا لو مسحهما مع أعلاه؛ أجزأه؛ لأنَّه أتى بالمقصود وزيادةٍ. وقيل: هو أفضل، ولا يُجزِئ الاقتصارُ عليهما وجهًا واحدًا؛ لأنَّه إنَّما مسح ظاهر خفَّيه.

وعُلِم منه: أنَّه لا يجِبُ استيعاب الخفِّ بالمسح، بل الواجِبُ مسحُ أكثرِ أعْلاهُ؛ أي: أكثرِ ظَهْرِ القدمِ. وقيل: قدر النَّاصية من الرأس، وقيل: هو المذهب. وقيل: يجب جميعُه؛ لأنَّه بدلٌ عن مغسولٍ.

(فَيَضَعُ يَدَهُ) معوجة الأصابِعِ، ويُستَحبُّ تفريجُها (عَلَى الْأَصَابِعِ)؛ أي: على أطرافِ أصابِعِ رِجْلَيْه، (ثُمَّ يَمْسَحُ إِلَى سَاقِهِ)، هذا صفةُ المسح المسنون، وقاله ابن عقيل وغيره، اليمنى باليمنى، واليسرى باليسرى، قال في «البلغة»: ويقدِّم اليُمنَى.

وقد رَوى البيهقي في «سنَنِه» عن المغيرة بن شعبة: «أنَّ النَّبيَّ مسح على خفَّيه، وضع يدَه اليمنى على خفِّه الأيمن، ويده اليسرى على خفِّه


(١) ينظر: مسائل صالح ١/ ٣٥٦.
(٢) أخرجه الترمذي (٩٧)، وضعفه أحمد، وأبو حاتم، وتتمة جواب أبي زرعة والبخاري: (لأن ابن المبارك روى هذا عن ثور، عن رجاء، قال: حُدِّثتُ عن كاتب المغيرة، مرسل عن النبي ، ولم يذكر فيه المغيرة). ينظر: تنقيح التحقيق ١/ ٣٤٠، التلخيص الحبير ١/ ٢٨١.