للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يجوز بيع المشُوب بالمشُوب؛ كمسألةِ مُدِّ عَجْوةٍ.

(وَلَا رَطْبِهِ بِيَابِسِهِ)؛ كبيع الرُّطب بالتَّمر، والعنب بالزَّبيب؛ لِما روى سعد (١) بن أبي وقَّاصٍ: أنَّ النَّبيَّ سُئِل عن بَيْع الرُّطب بالتَّمر، قال: «أيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذا يَبِس؟» قالوا: نعم، فنَهَى عن ذلك، رواه مالِكٌ وأبو داودَ، وفي رواية الأَثْرَم قال: «فلا إذَنْ» (٢)، نَهَى وعلَّل بالنُّقصان إذا يَبِس، وهو موجودٌ في كلِّ رطْبٍ بِيعَ بيابسه، ولأنَّه جنسٌ فيه الرِّبا، بِيع بعضه ببعضٍ على وجْهٍ ينفرِد أحدُهما بالنُّقصان، فلم يَجُز؛ كبيع المقليَّة بالنِّيئة، ولا يَلزَمُ بَيعُ الجديد بالعتيق؛ لأنَّ التَّفاوت يسيرٌ.

لكِنْ قال الخَطَّابِيُّ: (تكلَّم بعض النَّاس في إسْنادِ حديثِ سعدٍ، فإنَّ فيه أبا عيَّاشٍ، وهو ضعيفٌ، وفيه نَظَرٌ، فإنَّ مالكًا ذَكَرَه في «موطَّئِه»، وهو لا يَرْوِي عن مَتْروكِ الحديثِ) (٣).

(وَيَجُوزُ بَيْعُ دَقِيقِهِ بِدَقِيقِهِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي النُّعُومَةِ)؛ لتساويهما في الحال على وجْهٍ لا ينفرِد أحدُهما بالنُّقصان في ثانيه، أشْبَهَ بَيعَ التَّمْر بالتَّمْر.

وقدَّم في «التَّبْصِرة» خِلافَه؛ لأنَّه يُعتَبَر تساويهما حالة الكمال، وقد فات ذلك بالطَّحْن.


(١) في (ح): سعيد.
(٢) أخرجه مالك (٢/ ٦٢٤)، وأحمد (١٥٤٤) وأبو داود (٣٣٥٩)، والترمذي (١٢٢٥)، والنسائي (٤٥٤٥)، وابن ماجه (٢٢٦٤)، وابن حبان (٥٠٠٣)، ولفظة: «فلا إذن» عند أحمد، قال ابن حجر: (وقد أعله جماعة، منهم الطحاوي والطبري وأبو محمد بن حزم وعبد الحق، كلهم أعله بجهالة حال زيد أبي عياش، والجواب أن الدارقطني قال: إنه ثقة ثبت)، وقال المنذري: (اعتمده مالك مع شدة نقده)، وصحح حديثه جماعة من الأئمة، قال الترمذي: (حسن صحيح)، وصححه ابن المديني وابن حبان والألباني. ينظر: التلخيص الحبير ٣/ ٢٤، بلوغ المرام (٨٤٨)، الإرواء ٥/ ١٩٩.
(٣) ينظر: معالم السنن ٣/ ٧٨.