للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّبْقِيَةِ)؛ لأِنَّ النَّهي عن بيع الثَّمَرة قبل بُدُوِّ صلاحها، وعن بيع الحبِّ حتَّى يشتدَّ؛ يَدُلُّ بمفهومه على جواز البيع بعد بُدُوِّ الصَّلاح والاِشْتِداد؛ لأنَّه علَّل الأجل (١) خوف التَّلَف، وهذا المعنى مفقودٌ هنا.

(وَلِلْمُشْتَرِي تَبْقِيَتُهُ إِلَى الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ)؛ لأنَّ العُرْفَ يقتضيه، وعُلِم منه: أنَّ له تعجيلَ قَطْعِه، صرَّح به في «الفروع» وغيره.

(وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ سَقْيُهُ إِنِ احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ)؛ لأِنَّه يجب عليه تسليم ذلك كامِلاً، ولا يحصل إلاَّ به، بخلاف ما إذا باع الأصل وعليه ثمرةٌ للبائع، فإنَّه لا يلزم المشتريَ سَقْيُها؛ لأنَّ البائع لم يملكها من جهته، وإنَّما بقي ملكُه عليها، (وَإِنْ تَضَرَّرَ الْأَصْلُ) لأنَّه يُجْبَر عليه؛ لكونه دخل على ذلك، وإنَّما نَصَّ عليه؛ لئلاَّ يُتوهَّم سقوطُه عند ذلك.

(وَإِنْ تَلِفَتْ (٢) بِجَائِحَةٍ مِنَ السَّمَاءِ؛ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ)، الجائحةُ: كلُّ آفَةٍ سماويَّةٍ لا صُنْعَ للآدَمِيِّ فيها؛ كالرِّيح والحَرِّ والبرد والعطش، فكلُّ ما تُهلِكه من الثمر (٣) على أصوله قبل أوان جَدِّه؛ فهو من ضمان البائع؛ لِمَا روى جابِرٌ: «أنَّ النَّبيَّ أمر بِوَضْع الجوائح» (٤)، وعنه: أنَّ النَّبيَّ قال: «إنْ بِعْتَ من أخيك ثَمَرًا فأصابته جائحةٌ؛ فلا يَحِلّ لك أن تأخذ منه شيئًا، بِمَ تأخذ مالَ أخيك بغير حقٍّ؟!» رواهما مسلمٌ (٥).

قال الشَّافعيُّ: (لم يَثْبُت عندي، ولو ثبت لم أَعْدُه، ولو كنت قائلاً


(١) في (ح): الأصل، وفي (ظ): الأكل. وعبارة الممتع ٢/ ٥١٦: (لأجل خوف التلف)، وعبارة الكشاف ٨/ ٧٧: (علل بخوف التلف).
(٢) في (ح): تلف.
(٣) في (ح): الثمرة.
(٤) أخرجه مسلم (١٥٥٤).
(٥) أخرجه مسلم (١٥٥٤).