للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَضْعة منك» رواه الخمسة، ولفظه لأحمد، وصحَّحه الطحاوي وغيره (١)، ولأنَّه جزء من جسده أشبه رجله.

فعليها: يستحبُّ الوضوء من مسِّه، واختارها الشَّيخ تقي الدِّين في فتاويه (٢).

والأولى أصحُّ؛ لأنَّ حديث قيس ضعَّفه الشافعي وأحمد، قال أبو زرعة وأبو حاتم: (قيس لا تقوم بروايته حجَّة)، ولو سُلِّم صحَّتُه فهو منسوخٌ؛ لأنَّ «طَلْق بن علي قدم على النَّبيِّ وهو يؤسِّس في المسجد» رواه الدَّارقطني (٣)، وفي رواية أبي داود قال: «قدمنا على النَّبيِّ فجاءه رجل كأنَّه بدوي، فسأله … » الحديث، ولا شكَّ أنَّ التَّأسيس كان في السَّنة الأولى من الهجرة، وإسلام أبي هريرة كان في السَّنة السابعة، وبُسرة في السَّنة الثامنة عام الفتح، هذا وإن لم يكن نصًّا في النَّسخ؛ فهو ظاهِرٌ فيه، وحديثُهم مبقٍ على الأصل، وأحاديثنا ناقِلة عنه، وهي أولى، فإن كان الأمر به هو المنسوخ؛ لزم التغيير مرَّتين، وإن كان ترك الوضوء هو المنسوخ؛ لم يلزم (٤)


(١) أخرجه أحمد (١٦٢٨٦)، وأبو داود (١٨٢)، والترمذي (٨٥)، والنسائي (١٦٥)، وابن ماجه (٤٨٣)، وصححه ابن حبان، وابن حزم، وقال ابن عبد الهادي: (والذي يظهر أن حديث قيس حسن أو صحيح)، وضعفه الشافعي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم. ينظر: علل ابن أبي حاتم (١١١)، إعلام الموقعين ٢/ ٦٣، تعليقة على علل ابن أبي حاتم لابن عبد الهادي (ص ٨٦)، حاشية ابن القيم على مختصر أبي داود ١/ ٢١٤، مطبوع مع عون المعبود، البدر المنير ٢/ ٤٦٥، نيل الأوطار ١/ ٢٥٠.
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى ٢١/ ٢٤١، الإنصاف (٢/ ٢٧)، وقال البعلي في الاختيارات (١٧): (ويستحب الوضوء عَقِيبَ الذَّنْب، ومن مس الذَّكَرِ إذا تحركت الشهوة بمسه، وتردد فيما إذا لم تتحرك).
(٣) أخرجه ابن حبان (١١٢٢)، الدارقطني (٥٤٠)، وضعف سنده أبو زرعة، وأبو حاتم. ينظر: شرح السنة للبغوي ١/ ٣٤٣.
(٤) في (أ): يلزمه.