للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبده، ثمَّ رهنه لغيره، فتلف بالجناية السَّابقة.

(وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَصِحُّ) الْعَفْوُ مطلَقًا؛ لأنَّه أسقط دَينَه عن غريمه، فصحَّ كسائر ديونه، (وَ) تجب (١) (عَلَيْهِ قِيمَتُهُ) تكون رهنًا؛ ليَنجَبِر به حقُّ المرتَهِن.

وقال بعض أصحابنا: لا يصحُّ مطلقًا، قال في «المغني»: وهو أصحُّ في النَّظر؛ لأنَّ حقَّ المرتَهِن متعلِّقٌ به، فلم يَصِحَّ عَفْوُه عنه؛ كالرَّهن نفسِه.

فإن قال المرتَهِن: أسْقَطْتُ حَقِّي من ذلك؛ سَقَطَ؛ لأِنَّه يَنْفَعُ الرَّاهِنَ ولا يضرُّه.

وإن قال: أسقطتُ الأرشَ، أو أبرأتُ منه؛ لم يَسقط؛ لأنَّه مِلك الرَّاهن، وهل يسقط حقُّه؟ فيه وجهان.

فرعٌ: لو أقرَّ أحدٌ بالجناية على الرَّهن وكذَّباه (٢)؛ فلا شَيءَ لهما، وإن كذَّبه المرتَهِن؛ فلا شَيءَ له وللرَّاهن الأرش، وإن صدَّقه المرتَهِن وحدَه؛ تعلَّق حقُّه بالأرش، وله قبضه، فإذا قضى الرَّاهِنُ الحقَّ، أو أبرأ منه رجع الأرشُ إلى الجاني، فإن استوفى حقَّه من الأرش؛ لم يملك الجاني مطالبةَ الرَّاهن بشيءٍ؛ لأنَّه مُقِرٌّ له باستحقاقه.

(وَإِنْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْجَارِيَةَ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ)؛ فهو (٣) حرامٌ، إجماعًا (٤)، (فَعَلَيْهِ الْحَدُّ)؛ أي: إذا كان عالِمًا بالتَّحريم؛ لأنَّه لا شُبهة له فيه، فإن الرَّهن وثيقةٌ بالدَّين، ولا يدخل ذلك في إباحة الوطء، مع أن وطء المستأجَرة يُوجِب


(١) في (ظ): ويجب.
(٢) في (ح): وكذبناه.
(٣) في (ق): مهر.
(٤) في (ح): فهو حرام إجماعًا من غير شبهة. وينظر: الإجماع لابن المنذر ص ١٠١، المغني ٤/ ٢٧٥.