للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وردَّه في «المغني» و «الشَّرح»: بأنَّه ليس في كلامِ أحمدَ، وإنَّما قال في روايةِ أبي داودَ: لا يَمْنَعه إذا لم يكن ضرَرٌ، وكان الحائطُ يَبْقَى (١)، ولأِنَّه قد يَمْتَنِع التَّسقيف على حائِطَينِ إذا كانا غيرَ مُتَقارِبَينِ، أو كان البَيتُ واسِعًا يحتاج أن يَجعَلَ فيه جسرًا، ثمَّ يَضَعَ الخشب على ذلك الجِسْرِ.

قال المؤلِّف: (والأَوْلى اعْتِبارُه بما ذكرنا، ولا فَرْق بين أن يكون لِبالِغٍ، أو يَتِيمٍ عاقِلٍ، أو مجنونٍ).

لا يقال: قياسُه: يجوز فَتْحُ الطَّاق ونحوه؛ لأنَّ وَضْعَ الخشب ينفعُ الحائطَ، ويُمكِّنُه (٢)، بخلاف فَتْح الطَّاق، فإنَّه يَضُرُّه.

(وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ وَضْعُ خَشَبِهِ (٣) عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ)، نقلها أبو طالِبٍ (٤)، واختارها أبو بكرٍ وأبو محمَّدٍ الجَوزيُّ؛ لأِنَّ القياسَ يَقْتَضِي المنْعَ، تُرِكَ في حقِّ الجار؛ للخبر، فيَبْقَى ما عَداه على مُقْتضَى القياس.

(وَهَذَا تَنْبِيهٌ)؛ أي: خرَّج منها أبو الخَطَّاب وجْهًا: (عَلَى أَنَّهُ لَا يَضَعُ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ)؛ لأِنَّه إذا امْتَنَعَ من وَضْعِه على الجِدار المشترَك بين المسلمين وله فيه حقٌّ؛ فَلَأنْ يُمْنَع من الملك المختَصِّ بغَيره أَوْلَى، ويتأكَّدُ المنْعُ: بأنَّ حقَّ الله مَبْنِيٌّ على السُّهولة والمسامَحة، بخلاف حقِّ الآدَمِيِّ، فإنَّه مَبْنِيٌّ على الشُّحِّ والضِّيق.

مسائلُ:

الأولى: إذا مَلَكَ وضْعَ خَشَبَهِ على حائطٍ فزال بسقوطه، أو قَلْعِه، أو سقوط الحائط، ثمَّ أُعِيد؛ فله إعادةُ خشبه عليه؛ لأِنَّ السَّببَ المجوِّزَ لوضْعِه


(١) ينظر: مسائل أبي داود ص ٢٨٥.
(٢) في (ح): وعكسه.
(٣) في (ظ): وضعه، وقوله: (وضع خشبه) في (ق): وضعه.
(٤) ينظر: الروايتين والوجهين ١/ ٣٧٩.