للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٤) إنَّ عَمَلَ الخُلفاءِ والفقهاء (١) من الصَّحابة وغيرِهم دالٌّ على ما ذَكَرْنَا.

(٥) إنَّ مذْهَبَنا صار (٢) مُجْمَعًا عليه؛ فلا يجوز لأِحَدٍ خِلافُه، مع أنَّ القياسَ يَقْتِضِيهِ؛ لأِنَّ الأَرضَ عَينٌ تنمى (٣) بالعمل، فجازت المعامَلةُ عليها ببعض نَمائها؛ كالمال في المضارَبة، والنَّخل في المساقاة، والحاجةُ داعِيَةٌ إليها؛ لكَون أصحاب الأرض لا يَقْدِرونَ على زَرْعها، والأكثرُ يحتاجون إلى الزَّرع ولا أرْضَ، فاقْتَضَت الحِكمةُ جَوازَها.

قال الشَّيخُ تقيُّ الدِّين: هي أَحَلُّ (٤) من الإجارة؛ لاِشْتِراكِهما في المغْنَم والمغْرَم (٥).

(فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ شَجَرٌ، فَزَارَعَهُ) على (الْأَرْضِ وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ؛ صَحَّ)؛ لأِنَّ كلَّ واحِدٍ منهما عَقْدٌ لو انْفَرَد؛ لَصَحَّ، فكذا إذا اجْتَمَعا، وسَواءٌ قلَّ بَياضُ الأرض أو كَثُرَ، نَصَّ عليه (٦)، وسَواءٌ تَساوَى نصيبُ العامل فيهما أو اخْتَلَفَ، وسَواءٌ كان بِلَفْظِ المعامَلة أو المساقاة.

فلو زارَعَه على أرْضٍ فيها شَجَرٌ؛ لم يَجُزْ للعامِل اشْتِراطُ ثَمَرَتها؛ لأِنَّه اشْتَرَطَ كلَّ الثَّمَرَة، فلم يَجُزْ، كما لو كان الشَّجَرُ أكثرَ من الثُّلُثِ.

فَرْعٌ: لا تَجُوز إجارةُ أرْضٍ وشَجَرٍ فِيهَا، قال أحمدُ: أخافُ أنَّه اسْتَأْجَرَ شَجَرًا لم يُثْمِرْ، وذَكَرَ أبُو عُبَيدٍ تَحْرِيمَه إجماعًا (٧).


(١) في (ح): والفقراء.
(٢) في (ق): جاز.
(٣) في (ح): تمييز.
(٤) في (ق): أجل.
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى ٢٥/ ٦١.
(٦) ينظر: المغني ٥/ ٣١٢.
(٧) ينظر: مجموع الفتاوى ٢٩/ ٥٦، الأموال لأبي عبيد ص ٩٠، وقال شيخ الإسلام عن دعوى الإجماع في مجموع الفتاوى ٣٠/ ٢٢٩: (وقد ذكر هذا الأثر عن عمر بعض المصنفين من فقهاء ظاهرية المغرب، وزعم أنه خلاف الإجماع، وليس بشيء؛ بل ادعاء الإجماع على جواز ذلك أقرب).