للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَحْمِلَ هذه الصُّبْرةَ، وهي عَشَرَةُ أقْفِزةٍ بِدِرْهَمٍ، وما زاد فلك بحِسابِه.

وجَوابُه: بأنَّه لا نَصَّ للإمام فيها، وقِياسُ قَولِه صِحَّتُها، ولو سُلِّم فَسادُها؛ فالقُفْزَانُ الذي شَرَطَ حَمْلَها غَيرُ مَعْلومةٍ، وهي مُختَلِفةٌ، فلم يَصِحَّ العَقْدُ؛ لِجَهالَتِها، بخلاف الأيَّام، فإنَّها مَعْلومَةٌ.

(وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكْتَرِيَ لِمُدَّةِ غَزَاتِهِ (١)، وهو قَولُ أكْثَرِ العُلَماء؛ لأِنَّ المدَّةَ والعَمَلَ مَجْهُولانِ، فلَمْ يَجُزْ، كما لو اسْتَأْجَرَ لِمدَّةِ سَفَرِهِ في تِجارتِه؛ لاِخْتِلافِها طُولاً وقِصَرًا، فإن فَعَلَ؛ فله أجْرُ المِثْلِ.

(وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ يَوْمٍ شَيْئًا مَعْلُومًا؛ فَجَائِزٌ)؛ لأِنَّ «عَلِيَّ بْنَ أبِي طالِبٍ آجَرَ نَفْسَه كلُّ دَلْو بِتَمْرةٍ، ولم يُنكِرْهُ النَّبيُّ » (٢)، ولِأَنَّ الأجْرَ وكُلَّ يَومٍ مَعْلُومانِ؛ فَصَحَّ؛ كما لو آجَرَه شَهْرًا كُلَّ يَومٍ بكذا (٣).

وحِينَئِذٍ فلا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ ما يَسْتَأْجِرُ له مِنْ رُكُوبٍ وحَمْلِ مَعْلومٍ، ويَسْتَحِقُّ الأَجْرَ المسَمَّى سَواءٌ أقامَتْ أوْ سارَتْ؛ لأِنَّ المنافِعَ ذَهَبَتْ في مُدَّته، كما لو اسْتَأْجَرَ دارًا وأغْلَقَها.

وعنه: لا يَصِحُّ؛ لأِنَّ المدَّةَ مَجْهُولةٌ.

(وَإِنْ أَكْرَاهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ؛ فَالْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ


(١) ينظر: مسائل أبي داود ص ٣١٧، الروايتين والوجهين ١/ ٤٢٣.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (١١٣٥)، وفي فضائل الصحابة (١٢٢٩)، وأبو نعيم (١/ ٧٠)، عن مجاهد، عن عليٍّ ، ومجاهد لم يسمع من علي، قاله أبو زرعة وأبو حاتم وابن عبد الهادي. وأخرج ابن ماجه (٢٤٤٦)، والبيهقي في الكبرى (١١٦٤٩)، قصة عليٍّ عن ابن عباس نحوه، وسندها ضعيف جدًّا، فيه حنش بن قيس وهو متروك، وللحديث طرق أخرى إما واهية جدًّا، أو ضعيفة، وضعفه الألباني. ينظر: تاريخ الإسلام ٥/ ٧١، تهذيب الكمال ١٤/ ١٤٦، تنقيح التحقيق ٤/ ١٨١، الإرواء ٥/ ٣١٣.
(٣) في (ظ) و (ق): كذا.