للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَصِحُّ (١)، اخْتارَهُ الخِرَقِيُّ والقَاضِي، وعامَّةُ أصحابه (٢)، والشَّيخانِ؛ لِمَا رُوِيَ عن عَلِيٍّ قال: «جُعْتُ مَرَّةً جُوعًا شَدِيدًا، فَخَرَجْتُ أطْلُبُ العملَ في عَوالِي المدينةِ، فإذا أنا بامْرأَةٍ قد جَمَعَتْ مدرًا (٣)، فظَنَنْتُ أنَّها تُريدُ بلَّهُ، فَقَاطَعْتُها كلُّ ذَنُوبٍ بِتَمرةٍ، فمَدَدْتُ سِتَّةَ عَشَرَ ذَنُوبًا، فَعَدَّتْ لِي سِتَّ عَشرَةَ تَمْرةً، فأتَيتُ النَّبِيَّ فأخْبَرْتُه، فأَكَلَ مَعِي منها» رواهُ أحْمَدُ (٤).

ومِثْلُه: إذا باعَهُ الصُّبْرةَ كلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، فالعِلْمُ بالثَّمَن يَتْبَعُ العِلْمَ بالمثْمَن، فهُنَا كذلك، العِلْمُ بالأجر يَتْبَعُ العِلْمَ بالمنْفَعة.

فعلى هذا: تَلزَمُ الإجارةُ في الشَّهْرِ الأوَّلِ بإطْلاقِ العَقْد، قالَهُ في «المغْنِي» و «الشَّرح».

وما بَعْدَه يكون مُرَاعًى، ونَبَّهَ عليه بقَولِه: (وَكُلَّمَا دَخَلَ شَهْرٌ لَزِمَهُمَا (٥) حُكْمُ الْإِجَارَةِ)، وقالَهُ أكْثَرُ الأصْحابِ؛ لأِنَّ دُخُولَه بمَنزِلة إِيقاعِ العَقْد على عَينِه ابْتِداءً.

(وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (٦) الْفَسْخُ)؛ بأنْ يَقولَ: فَسَخْتُ الإجارَةَ في الشَّهر الآخَرِ، ولَيْسَ بِفَسْخٍ على (٧) الحقيقة؛ لأِنَّ العَقْدَ الثَّانِيَ لم يَثْبُتْ، قالَهُ في «الشَّرح»، (عِنْدَ تَقَضِّي كُلِّ شَهْرٍ)؛ لأِنَّ اللُّزُومَ إنَّما كان لِأَجْلِ الدُّخولِ المنَزَّلِ مَنْزِلَةَ إِيقاعِ العَقْدِ ابْتِداءً، ولم يُوجَدْ بَعْدُ.

ومُقْتَضاهُ: أنَّه بِمُجَرَّدِ دخولِ الشَّهْرِ الآخَرِ يَلْزَمُ، ولم يَمْلِكَا الفَسْخَ.


(١) ينظر: مسائل ابن منصور ٦/ ٢٩١٧.
(٢) في (ح): أصحابنا.
(٣) في (ظ): بذرًا، وفي (ق): بيدرًا.
(٤) تقدم تخريجه ٦/ ٤٨ حاشية (٢).
(٥) في (ح): ألزمهما.
(٦) قوله: (منهما) سقط من (ح).
(٧) قوله: (على) سقط من (ح).