للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنْ تَلِفَ لا بجِنايَةٍ؛ فَهَدَرٌ. وقيل: يَضمَنُ؛ لأِنَّ التَّلَفَ كالإتْلاف.

(وَإِنْ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا لِعَالِمٍ بِالْغَصْبِ)؛ فهو فاسِدٌ على المذهب، (فَإِنْ وَطِئَهَا؛ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ)، أمَّا الغاصِبُ؛ فلأِنَّه السَّببُ في إِيصالِها إلى الغَير، وأمَّا المشْتَري والمتَّهِب؛ لأِنَّه المتْلِفُ، ولِمَا فيه من (١) تحصيل حقِّه، وزَجْرِ مَنْ يَشتريه مِنْ غاصِبِه أوْ متَّهبه؛ لأِنَّ كلَّ واحِدٍ منهما غاصِبٌ، (نَقْصَهَا، وَمَهْرَهَا، وَأُجْرَتَها، وَقِيمَةَ وَلَدِهَا)؛ أي: التَّالِف؛ لأِنَّ ذلك جميعَه يَضمَنُه الغاصِبُ لو انْفَرَد؛ فكذا هُنا.

(فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبُ؛ رَجَعَ عَلَى الآْخَرِ)؛ لأِنَّ النَّقْصَ حصل في يده، والمنفعةَ حصلت له، (وَلَا يَرْجِعُ الآْخَرُ) - وهو المشْتَرِي والمتَّهِبُ حَيثُ ضَمِنَه - (عَلَيْهِ)؛ لأِنَّه المتْلِفُ، فاسْتَقَرَّ الضَّمانُ عليه.

(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا بِالْغَصْبِ، فَضَمَّنَهُمَا) المالِكُ المهرَ وأَرْشَ البَكارة ونَقْصَ الولادة؛ (رَجَعَا عَلَى الْغَاصِبِ)؛ لأِنَّهما دَخَلَا في العَقْد على أنْ يُتْلِفا ذلك بغَيرِ عِوَضٍ، فَوَجَبَ أنْ يَرجِعا عليه؛ لكَونِه غَرَّهما.

(وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا؛ فَالْوَلَدُ حُرٌّ)؛ لاِعْتِقاده أنَّه وَطِئَ مَمْلوكَتَه، ويَلحَقُه النَّسب؛ لِمَكان الشُّبهة، (وَيَفْدِيهِ) على الصَّحيح؛ لأِنَّه فوَّتَ رِقَّه على سيِّده باعْتِقاده حِلَّ الوَطْءِ، أشْبَهَ وَلَدَ المغْرورِ.

وعنه: لا فداء عليه؛ لاِنْعِقاده حُرًّا.

والمذْهَبُ الأوَّلُ، فيكون الفِداءُ يَومَ الوَضْع، وهو مختارُ القاضِيَيْنِ والشَّيخَينِ وغيرِهم؛ لأِنَّه أوَّلُ أوْقاتِ الإمْكانِ، وظاهِرُ إطْلاقِ أحمدَ في روايةِ ابنِ منصورٍ: أنَّه يَومُ المحاكَمَةِ (٢).


(١) قوله: (ولما فيه من) في (ح): لما فيهن.
(٢) ينظر: مسائل ابن منصور ٦/ ٢٩٢٦.