للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَعَلَى هذا إنْ أراد التَّخلُّصَ مِنْ شبهةٍ بِيَده اشْتَرَى في ذِمَّتِه، ثُمَّ يَنقُدُ من مالِ الشبْهة، ولا يَشْتَرِي بعَينِ المال، قاله القاضِي وابنُ عَقِيلٍ، وذَكَرَه عن أحمدَ.

فَرْعٌ: لو دَفَع المالَ مُضارَبَةً، فرِبْحُه على ما ذَكَرْنا، ولَيسَ على المالك شَيءٌ من أجر العامل؛ لأِنَّه لم يَأْذَنْ فيه، ثُمَّ إن كان المضارِبُ عالِمًا بالغَصْب، فلا أجْرَ له؛ لِتَعدِّيه بالعمل، وإن لم يَعلَمْ فعلى الغاصِبِ أجْرُ مِثْلِه؛ لأِنَّه اسْتَعْمَلَه بِعِوَضٍ لم يُسلَّم له، فلَزِمَتْه أجْرتُه، كالعَقْدِ الفاسِدِ.

(وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ أَوْ قَدْرِهِ) بأنْ قال: غَصَبْتُك ثَوبًا، قال: بل ثَوبَينِ، (أَوْ صِنَاعَةٍ فِيهِ) بأنْ قال المالِكُ: كان كاتِبًا، أوْ ذا صَنْعةٍ؛ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ)؛ لأِنَّ الأصلَ براءةُ الذِّمَّة، فلا يَلزَمُه ما لم تَقُمْ عليه حُجَّةٌ، كما لو ادَّعَى عَلَيهِ دَينًا فأَقَرَّ بِبَعْضِه.

(وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي رَدِّهِ أَوْ عِيبٍ)، بأنْ قال: كانَتْ فيه إصبعٌ زائدةٌ أو نحوُها؛ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ)؛ لأِنَّ الأصلَ عَدَمُ الرَّدِّ والعَيبِ، فلو زادت قِيمةُ المغْصوب، واخْتَلَفا في وَقْتِ الزِّيادة، قُدِّمَ قَولُ الغاصِبِ؛ لأِنَّ الأصلَ براءةُ ذِمَّته.

وإنْ شاهَدَت البيِّنةُ المغْصوبَ مَعِيبًا، فقال الغاصِبُ: كان مَعِيبًا قَبلَ غَصْبِه، وقال المالك: تعيَّب عندك؛ قدِّم قَولُ الغاصِبِ؛ لأِنَّه غارِمٌ، والظاهر (١) أنَّ صِفةَ العَبْدِ لم تَتَغيَّرْ.

وقِيلَ: قَولُ المالِك؛ كاخْتِلافِ المتَبايِعَينِ في حدوث العَيب.

مسألةٌ: لو اخْتَلَفا في الثِّياب الَّتي على العبد؛ فَهِي للغاصِبِ؛ لأِنَّها في يَدِه، ولم يَثْبُتْ أنَّها لمالِك العَبْدِ.


(١) في (ح): وظاهر.