للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: إِنْ وَجَدَهَا بِمَضْيَعَةٍ)، وأَمِنَ نَفْسَه عَلَيها؛ (فَالْأَفْضَلُ أَخْذُهَا)؛ لِمَا فِيهِ من الحِفْظ المطْلوبِ شَرْعًا؛ كتخْلِيصه من الغَرَقِ، ولا يَجِبُ أخْذُه؛ لأِنَّه أمانةٌ؛ كالوَدِيعة، وخرّجَ وُجوبَه إذنْ؛ لأِنَّ حُرمةَ مالِ المسلِمِ؛ كحُرْمة دَمِه.

فَرْعٌ: إذا وَجَدَ عَنْبَرةً على السَّاحِل؛ فهِيَ له (١).

والقنُّ الصغير؛ كالشَّاة، وكذا كلُّ جاريةٍ تَحرُمُ على الملْتَقِط، وذَكَرَ القاضِي: أنَّ قِياسَ المذْهَب: أنَّه لا يُملَكُ بالتَّعريف.

(وَمَتَى أَخَذَهَا ثُمَّ (٢) رَدَّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا، أَوْ فَرَّطَ فِيهَا؛ ضَمِنَهَا)؛ لأِنَّها حَصَلَتْ في يَدِه، فَلَزِمَه حِفْظُها؛ كالوَدِيعة، إلاَّ أنْ يأْمُرَه إمامٌ أوْ نائبُه بِرَدِّها؛ كمُمْتَنِعٍ.

ودَلَّ على أنَّها إذا ضاعَتْ عِندَه في حَول التَّعريف بلا تَفْريطٍ؛ لا ضَمانَ عَلَيهِ.

وإنِ الْتَقَطَها آخَرُ؛ لَزِمَهُ ردُّها إلى الأوَّل مع عِلْمِه، فإنْ لم يَعلَمْ حتَّى عرَّفها حَوْلاً؛ مَلَكَها؛ لأِنَّ سَبَبَ الملْكِ وُجِدَ منه من غَيرِ عُدْوانٍ، فثَبَتَ الملْكُ له كالأوَّل، ولا يَملِكُ الأوَّلُ انْتِزاعَها منه.


(١) كتب في هامش (ظ): (لأنه يمكن أن البحر ألقاها، والأصل عدم الملك فيها، فكانت مباحة لآخذها، كالصيد. وقد روى سعيد، عن إسماعيل بن عياش، عن معاوية بن عمرو العبدري، قال: ألقى بحر عدن عنبرة مثل البعير، فأخذها ناس بعَدَن، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز، فكتب إلينا: أن خذوا منها الخُمس، وادفعوا إليهم سائرها، وإن باعوكموها فاشتروها. فأردنا أن نَزِنها، فلم نجد ميزانًا يخرجها، فقطعناها ثنتين ووزناها، فوجدناها ستمائة رطل، فأخذنا خُمسها، ودفعنا سائرها، ثم اشتريناها بخمسة آلاف دينار، وبعثنا بها إلى عمر، فلم يلبث إلا قليلاً حتى باعها بثلاثة وثلاثين ألف دينار ، وهذه تكملة المسألة المذكورة، ذكره في الشرح).
(٢) قوله: (ثم) سقط من (ح).