للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن المنجَّى: تمثيلُه بالمطْعوم والرَّياحين فيه نَظَرٌ؛ من جِهَةِ أنَّهما لا يَبْقَيانِ، فيُحذَفانِ، ويُقْتَصَرُ على التَّمثيل بالأثْمان، أوْ يثبتان (١) مع حذف «مع بقائه»، فإنَّه يَصِحُّ أنْ يُقالَ: إنَّهما لا ينتفع بهما دائِمًا؛ لأِنَّ نَفعَهما يَحصُلُ في بعض الزَّمَن.

وعُلِمَ منه: أنَّ وقْفَ ما لا منفعةَ فيه؛ كالعَين المؤْجَرَة؛ لا يَصِحُّ؛ لِعَدَم وُجود المعْنَى.

نَعَمْ؛ إنْ وَقَفَها مدَّةَ الإجارة إذا انقضت؛ صحَّ إنْ قِيلَ: يَصِحُّ تعليقُ الوقْف على شَرْطٍ.

(الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَلَى بِرٍّ) ومعروفٍ إذا كان الوقْفُ على جِهةٍ عامَّةٍ؛ لأِنَّ المقصودَ منه التَّقرُّبُ إلى الله تعالى، وإذا لم يَكُنْ على بِرٍّ؛ لم يَحصُل المقصودُ؛ (كَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاجِدِ)، فإذا قال: جَعلْتُ ملْكِي للمسجد؛ صار حقًّا من حقوقه، ولا يُعتَبَرُ قَبولُ ناظره؛ لتعذُّره بالقَبول، كحالة وقْف المسجد، فإنَّه لا يُشتَرَطُ قَبولُه؛ لأِنَّ النَّاظِرَ لا يكون إلاَّ بَعْدَ الوقف.

(وَالْقَنَاطِرِ)، والسِّقايات، والمقابِر، وكُتُبِ العِلْم.

(وَالْأَقَارِبِ؛ مُسْلِمِينَ كَانُوا أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ (٢)، نَصَّ عَلَيهِ (٣)؛ لأِنَّ القَريبَ الذِّمِّيَّ مَوضِعُ القُرْبة؛ بدليلِ جوازِ الصَّدقة عليه.

ويصحُّ الوقْفُ على أهل الذِّمَّة، جزم به الأكثرُ؛ لأِنَّ «صَفِيَّةَ وَقَفَتْ على أخٍ لها يَهودِيٍّ» (٤)، ولأِنَّهم يَملِكون ملْكًا مُحتَرَمًا، ولأِنَّ مَنْ جاز أنْ يَقِفَ عَلَيه


(١) في (ح): يبقيان.
(٢) كتب في هامش (ظ): (مفهوم من كلام المصنف: أنه لا يصح الوقف على الذمي غير قرابة، وهو أحد الوجهين، والصحيح من المذهب: أنه يصح على الذمي وإن كان أجنبيًّا من الواقف، قاله في الإنصاف).
(٣) ينظر: الهداية لأبي الخطاب ص ٣٣٥.
(٤) لم نقف عليه بلفظ الوقف، بل بلفظ الوصية: أخرجه سعيد بن منصور (٤٣٧)، وعبد الرزاق (٩٩١٣)، والخلال في أحكام أهل الردة (٦٤٧)، والبيهقي في الكبرى (١٢٦٥٠)، عن عكرمة: أن صفية أوصت لأخ لها يهودي بالثُّلث. وإسناده صحيح إلى عكرمة، إلا أنه لم يسمع من أزواج النبي . ينظر: جامع التحصيل ص ٢٣٩.
وأخرجه عبد الرزاق (٩٩١٤)، وابن أبي شيبة (٣٠٧٦٣)، والدارمي (٣٣٤١)، عن ابن عمر نحوه، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف. وأخرجه ابن أبي شيبة (٣٠٧٦٢)، وابن سعد في الطبقات (٨/ ١٢٨)، عن يحيى بن سعيد مرسلاً. وأخرجه البيهقي في الكبرى (١٢٦٥١)، عن أم علقمة مولاة عائشة ، وهي مجهولة، وفي إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف. وأخرج ابن سعد في الطبقات (٨/ ١٢٨)، بإسناد صحيح عن حصين بن عبد الرحمن قال: رأيت شيخًا فقالوا: هذا وارث صفية بنت حيي، فأسلم بعدما ماتت فلم يرثها. والأثر ثابت بمجموع الطرق، واحتج به أحمد كما في أحكام أهل الردة للخلال ص ٢٢٧.