للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إسقاطُ حقٍّ، ولَيسَ بِتَمليكٍ.

وإذا قُلْنا: الهِبةُ تُملَكٌ بالعقد بمجرَّده؛ فيصحُّ التَّصرُّف فيها قبل القَبضِ، نَصَّ عَلَيهِ؛ لأِنَّ حقَّ الواهِبِ انقطع عنها بمجرَّد انْتِقالِ ملْكِه، ولَيستْ في ضَمانه، ولا محذورَ في التَّصرُّف فيها بوجْهٍ.

وظاهِرُه: أنَّ الهِبَةَ حَيثُ افْتَقَرَتْ إلى القَبْض؛ فإنَّها تَصِحُّ بالعَقْدِ.

واخْتار الخِرَقِيُّ وجَمْعٌ عَكْسَه، قال المرْوَزيُّ (١): اتَّفَقَ أبو بكْرٍ، وعمرُ، وعُثمانُ على (٢) أنَّ الهِبَةَ لا تَجوزُ إلاَّ مَقبوضةً (٣)، والأشْهَرُ الأوَّلُ.

وهل يَملِكُها (٤) به؟ فيه وجْهانِ، وعَلَيهما يُخرَّج النَّماءُ، قال جماعةٌ: إنِ اتَّصَل القَبْضُ.

(وَلَا يَصِحُّ الْقَبْضُ) إذا قِيلَ تَلزَمُ (٥) به، (إِلاَّ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ)؛ لأِنَّه قَبْضٌ غَيرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيهِ، فلم يَصِحَّ إلاَّ بإذْنه؛ كأصْلِ العَقْدِ، وكالرَّهْن، (إِلاَّ مَا كَانَ فِي


(١) في (ظ) و (ق): المروذي.
(٢) في (ظ): وعلي. وفي (ح): وعلي على. والمثبت موافق لما في اختلاف الفقهاء للمروزي.
(٣) ينظر: اختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي (ص ٥٧٤). وتقدم تخريج أثر أبي بكر ٦/ ٤٩٤ حاشية (٥) وعمر ٦/ ٤٩٥ حاشية (١).
وأثر عثمان : أخرجه ابن أبي شيبة (٢٠١٢٦)، عن الشعبي، عن عثمان، أنه قال: «لا تجوز الصدقة حتى تقبض، إلا الصبي بين أبويه، فإن قبضهما له قبض»، وفيه عيسى بن المسيب، ضعفه الأكثر، ولينه أحمد.
وأخرج سحنون في المدونة (٤/ ٤٢٥)، وابن حزم في المحلى (٨/ ٦٥)، عن سعيد بن المسيب وابن أبي مليكة وعطاء بن أبي رباح: أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس قالوا: «لا تجوز صدقة حتى تقبض»، ومداره على محمد بن عبيد الله العرزمي، وهو متروك، وبه ضعف ابن حزم الأثر.
(٤) قوله: (وهل يملكها) في (ق): وعلى تملكها.
(٥) في (ظ): يلزم.