للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقَولُ بعضِهم: إنَّها تمليكُ المنافِعِ، لا يَضُرُّ إذا نَقَلَها الشَّارعُ إلى تمليك الرَّقبة؛ كالمنقولات الشَّرعيَّة.

أمَّا لو قال: أعْمَرْتُكَ هذه الدَّارَ ولِعَقِبِكَ؛ فلا خِلافَ عندنا (١) في الصِّحَّة، كما اقْتَضاه كلامُه في «الكافي»، وذِكْرُ العَقِبِ تأْكِيدٌ.

تنبيهٌ: لَيسَ ذلك خاصًّا بالعَقار، بل يجري فِيهِ، وفي الحيوان والثياب (٢)، نَقَلَ يعقوبُ وابنُ هانِئٍ: مَنْ يُعْمِرُ الجاريةَ أيطأ؟ قال: لا أراه (٣)، وحَمَلَه القاضي على الوَرَع؛ لأِنَّ بعضَهم جَعَلَها تمليكَ المنافِعِ.

ورَوَى سعيدٌ بإسْناده عن الحَسَنِ: أنَّ رجلاً أعْمَرَ فَرَسًا حياتَه، فخاصَمَه بَعْدَ ذلك إلى النَّبيِّ ، فقال : «مَنْ مَلَكَ شَيئًا حَيَاتَهُ؛ فهو لِوَرَثَته بَعدَه» (٤)، والإنسانُ إنَّما يَمْلِكُ الشَّيءَ عُمْرَه، فقد (٥) وقَّته بما هو مؤقَّتٌ به في الحقيقة، فصار كالمطْلَق.

(وَإِنْ شَرَطَ رَجُوعَهَا (٦) إِلَى الْمُعْمِرِ (٧) عِنْدَ مَوْتِهِ) إنْ ماتَ قَبْلَه، أوْ إلى غَيرِه، وتُسَمَّى الرُّقْبَى، أوْ رجوعَها مطلَقًا إليه، أوْ إلى وَرَثَتِه، (أَوْ قَالَ: هِيَ لآِخِرِنَا مَوْتًا؛ صَحَّ الشَّرْطُ)؛ كالعَقْد على الأصحِّ؛ لقَوله : «المسْلِمونَ


(١) في (ح): فيها.
(٢) في (ح): والنبات.
(٣) ينظر: مسائل ابن هانئ ٢/ ٥٥، الوقوف والترجل ص ٤٧.
(٤) لم نقف على مرسل الحسن في سنن سعيد، وأخرجه عبد الرزاق (١٦٨٨١)، وسريج بن يونس في القضاء (ص ٣٧)، عن الحسن مرسلاً. وأخرجه سعيد بن منصور (٢٦٦)، عن هشيم، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، عن شريح، أنه قال: «من ملك شيئًا حياته؛ فهو لورثته من بعد موته»، وأخرجه عبد الرزاق (١٦٨٨٠)، وابن أبي شيبة (٢٢٦٢٧)، والبيهقي في الكبرى (١١٩٨٦)، عن شريح مرسلاً، وفيه قصة.
(٥) في (ح): بعد.
(٦) في (ح): رجوعه.
(٧) في (ح): العمر.