للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجوابُه: بأنَّه قال لِبَشِيرٍ: «فَاَرْجِعْهُ»، وفي رواية: «فارْدُدْهُ»، رواهُ مالِكٌ عن الزُّهْرِيِّ عن حُمَيدٍ عن النُّعمان (١)، وأقلُّ أحوالِ الأمر الجَوازُ.

(وَعَنْهُ: لَهُ الرُّجُوعُ، إِلاَّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ أَوْ رَغْبَةٌ) لغَير الوَلَد، مِثْلَ أنْ يَهَبَ ابنَه شَيئًا، فيَرغَب النَّاسُ في مُعامَلَته فيُدايِنُوه، أو في مُناكَحَته فيُزَوِّجُوه، أوْ يَهَبَ ابْنَتَه شَيئًا فتتزوج (٢)، وقد نبَّه عَلَيهِ بقَولِه: (مِثْلُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْوَلَدُ أَوْ يُفْلِسَ)؛ لأِنَّه تَعلَّق بها حقُّ غَيرِ الاِبْنِ، ففي الرُّجوع إبطالُ حقِّه، يُؤيِّدُه قَولُه : «لَا ضَرَرَ ولا إضرارَ» (٣)، والرُّجوعُ ضَرَرٌ، وفيه (٤) تحيُّلٌ على إلْحاقِ الضَّرَر بالمسلمين.

زاد في «الفروع» تَبَعًا ل «الرِّعاية» و «الوجيز»: أوْ ما يَمنَعُ تَصرُّفَ المتَّهِبِ مؤبَّدًا أو مؤقَّتًا، كالرَّهْن ونحوِه؛ فلا رُجوعَ.

فَرْعٌ: إذا أسْقَطَ حقَّه من الرُّجوع؛ فاحْتِمالانِ في «الاِنتِصار»، وإنْ علَّق الرُّجوعَ بشَرْطٍ؛ لم يَصِحَّ.

تنبيهٌ: يَحصُل الرُّجوعُ في الهِبَة بالألفاظ الدَّالَّة عليه، عَلِمَ الولَدُ أوْ لا، ولا يَفتَقِرُ إلى حُكْمِ حاكِمٍ في الأصحِّ، فإنْ أخذ ما وَهَبَه لولَدِه، ونَوَى به الرُّجوعَ كان رجوعًا، ويُقبَلُ قَولُه في نيته، فإن مات الأبُ ولم يُعلَمْ هل نَوَى الرُّجوعَ، ولم تُوجَدْ قرينةٌ؛ لم نحكُمْ (٥) بأنَّه رجوعٌ، وإنْ حَفَّتْ به قرائنُ دالة على الرُّجوع؛ فَوَجْهانِ.


(١) أخرج اللفظة الأولى البخاري (٢٥٨٦)، ومسلم (١٦٢٣)، وأما اللفظة الثانية فهي عند مسلم (١٦٢٣).
(٢) في (ح) و (ق): ابنه شيئًا فيتزوج. والمثبت موافق للشرح الكبير ١٧/ ٩١.
(٣) سبق تخريجه ٥/ ٣٩٣ حاشية (٣).
(٤) في (ح): فيه.
(٥) في (ظ): لم يُحكم.