للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أيْ: أحكامُ الهِبة؛ لأِنَّها لَيسَتْ بهِبَةٍ.

(فَلَوْ كَانَ المُجِيزُ أَبًا لِلْمُجَازِ لَهُ)؛ كَمَنْ أَوْصَى لِوَلد وَلَدِه مع وجوده؛ (لَمْ يَكُنْ لَهُ)؛ أيْ: للأب (الرُّجُوعُ فِيهِ)؛ لأِنَّ الأبَ إنَّما يَرجِعُ فِيما وَهَبَ، لا فِيما وَهَبَه غَيرُه، (وَلَوْ كَانَ الْمُجَازُ عِتْقًا)؛ بأنْ أعْتَقَ عبدًا لا مالَ له سِواه، أوْ وصَّى بعِتْقه فأعْتَقُوه؛ نَفذ العِتْقُ في ثُلُثه، وَوَقَفَ عِتْقُ الباقي على إجازتهم، فإنْ أجازُوهُ؛ عَتَقَ جميعُه، و (كَانَ الْوَلَاءُ لِلْمُوصِي)؛ لأِنَّه هو الَّذي أعْتَقَه، (يَخْتَصُّ بِهِ عَصَبَتُهُ)؛ كما لو أعْتَقَه في صحَّته، (وَلَوْ كَانَ وَقْفًا عَلَى الْمُجِيزِينَ)؛ كالوقْف على أوْلاده؛ (صَحَّ) أي: الوَقْفُ روايةً واحدةً؛ لأِنَّ الواقِفَ عليهم أبوهُمْ.

(وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ هِبَةٌ)؛ أخْذًا من إطْلاقه في روايةِ حنبلٍ: (لا وَصيَّةَ لِوارِثٍ) (١)، وظاهِرُه نَفْيُ الوصيَّة مطلَقًا، فتكونُ إجازتُهم ابْتِداءَ عطيَّةٍ.

وأطْلَقَهما أبو الفَرَج، وخَصَّها في «الانتصار»: بالوارث (٢).

(فَتَنْعَكِسُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ)، فتَفْتَقِرُ (٣) إلى شُروطِ الهِبة من القَبْض ونحوِه، ولِلأب الرُّجوعُ في جميع ما وصَّى به لاِبْنِه، ويكونُ الولاءُ مشتَرَكًا بَينَ العَصَبةِ وغَيرِهم من الورثة، والوَقْفُ يَنبَنِي على صحَّة وَقْفِ الإنسان على نفسه.

وكلامُ القاضي يقتَضِي أنَّ في صحَّتها بلفظ الإجازة إذا قلنا: هي هِبَةٌ؛ وَجْهَينِ، قال المجْدُ: والصِّحَّةُ ظاهِرُ المذهب، وهذا إنَّما يَظهَرُ في الزَّائد على الثُّلث، ولهذا قيل: الخِلافُ مبنيٌّ على أنَّ الوصيَّة بالزَّائد على الثُّلُث هل هو باطِلٌ، أوْ مَوقُوفٌ على الإجازة؟


(١) ينظر: الوقوف والترجل ص ٤٤.
(٢) في (ح): فالوارث.
(٣) في (ظ): فيفتقر.