للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن ابنِ عبَّاسٍ (١): أنَّه وَرَّثَ الجَدَّاتِ وإنْ كَثُرْنَ، إذا كُنَّ في درجةٍ واحدةٍ، إلاَّ مَنْ أَدْلَتْ بِأَبٍ غَيرِ وارِثٍ كأمِّ أبِي الأمِّ، قال ابنُ سُراقَةَ: وبهذا قال عامَّةُ الصَّحابة (٢)، وهو روايةُ المزَنِيِّ عن الشَّافِعِيِّ (٣)، ويَحتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ.

فَعَلَى ما ذَكَرَه المؤلِّفُ: يَرِثْنَ، وإنْ عَلَوْنَ أُمومةً، وقِيلَ: وأُبُوَّةً.

(فَأَمَّا أُمُّ أَبِي الْأُمِّ، وَأُمُّ أَبِي الْجَدِّ؛ فَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا)، وكذا كلُّ جَدَّةٍ تُدْلِي بغَيرِ وارِثٍ، وهذا إجْماعٌ (٤)، إلاَّ ما حُكِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ (٥)، وجابِرِ بنِ زَيدٍ، ومُجاهِدٍ، وابنْ سِيرِينَ، فإنَّهم قالوا: تَرِثُ (٦)، وهو قَولٌ شاذٌّ؛ لأِنَّها تُدْلِي بغَيرِ وارِثٍ، فلم تَرِثْ؛ كالأجانب، ولأِنَّهما مِنْ ذَوِي الأرحام.

والمرادُ: نَفْيُ مِيراث الجَدَّةِ المسْتَحِقَّةِ بنَفْسِها، لا بِسَبَبٍ آخَرَ.

(وَالْجَدَّاتُ الْمُتَحَاذِيَاتُ)؛ أيْ: المتساوِياتُ في الدَّرَجة بحَيثُ لا تكونُ واحدةٌ أعْلَى من الأخرى، ولا أنْزَلَ منها؛ لأِنَّ الجَدَّاتِ إنَّما يَرِثْنَ كلُّهُنَّ إذا كُنَّ في درجةٍ واحدةٍ، فمتى كان بعضُهُنَّ أقربَ؛ كان الميراثُ لها.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٣١٢٨٠)، والبيهقي في الكبرى (١٢٣٥٦)، عن ليث بن أبي سليم، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: «ترث الجدات الأربع جميعًا»، وليث ضعيف.
(٢) روي ذلك عن بعض الصحابة، فمن ذلك: ما أخرجه البيهقي في الكبرى (١٢٣٥١)، عن محمد بن سيرين في الجدات الأربع: «أن عمر أطعمهن السدس». وهو مرسل، ورجاله ثقات.
وما أخرجه ابن أبي شيبة (٣١٢٩٠)، عن ابن سيرين، قال: كان عبد الله يورث الجدات وإن كنَّ عشرًا، ويقول: «إنما هو سهم أطعمه إياهن رسول الله ». وهو مرسل أيضًا، ورجاله ثقات. قال ابن حزم ٨/ ٢٩٦: (وقد روي هذا أيضًا عن علي بن أبي طالب وابن عباس وزيد بن ثابت).
(٣) ينظر: الحاوي ٨/ ١١١، حلية العلماء ٦/ ٢٧٨.
(٤) ينظر: المغني ٦/ ٣٠١.
(٥) الظاهر أن المراد ما تقدم تخريجه قريبًا.
(٦) في (ق): بإرثها.