للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بضرْبة وبضربتَيْن وأكثر؛ لأنَّ المقصود إيصال التُّراب إلى محلِّ الفرض، فكيفما حصل جاز كالوضوء، وفي «المغني»: لا خلاف أنَّه لا تُسنُّ الزِّيادة على ضربتين (١) إذا حصل الاستيعاب بهما، والمنصوص ضربة واحدة (٢)، وهي الواجِبُ بلا نزاع؛ لِمَا روى عَمَّار: أنَّ النَّبيَّ قال في التَّيمُّم: «ضربة واحدةٌ للوجه والكفَّين» رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، وفي الصَّحيحين معناه من حديثه أيضًا (٣)، ولأنَّه حكمٌ معلَّق على مطلق اليد، فلم يدخل فيه الذِّراع؛ لأنَّها في خطاب الشَّرع إلى الكُوع، بدليل السَّرقة والمسِّ.

لا يقال: هي مُطْلقة فيه مقيَّدة في الوضوء؛ فيحمل عليه لاشتراكهما في الطَّهارة؛ لأنَّ الحمل إنَّما يصحُّ إذا كان من نوع واحد؛ كالعتق في الظِّهار (٤) على العتق في قتل الخطأ، والتراب ليس من جنس الوضوء بالماء، وهو يشرع فيه التَّثليث، وهو مكروه فيه، والوجه يغسل منه باطن الفم والأنف بخلافه هنا، فلا يلحق به.

(فَيَمْسَحُ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِهِ، وَكَفَّيْهِ بِرَاحَتَيْهِ) على سبيل الاستحباب، فلو مسح وجهه بيمينه ويمينه بيساره، أو عكس، وخلَّل أصابعه فيهما؛ صحَّ.

واستيعاب الوجه والكَفَّين بالمسح؛ واجب، سوى ما يشقُّ وصول التراب إليه.

(وَقَالَ الْقَاضِي) والشِّيرازي وابن الزَّاغوني (٥)، وهو روايةٌ: (الْمَسْنُونُ


(١) في (و): الضربتين.
(٢) ينظر: زاد المسافر ٢/ ٣٧٦، مسائل أبي داود ص ٢٤.
(٣) أخرجه أحمد (١٨٣١٩)، وأبو داود (٣٢٧)، وابن خزيمة (٢٦٦)، وأصله في البخاري (٣٤٧) ومسلم (٣٦٨).
(٤) في (و): يعتق.
(٥) قوله: (وابن الزاغوني) هو في (و): والزاغوني.