للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَسْتَخِيرُ الله تعالى في العَمَّة والخالة، فأنزل الله: أنْ لا مِيراثَ لهما» رواهُ سعيدٌ في «سُنَنِه» والدَّارِقُطْنِيُّ (١)، ولأِنَّ العَمَّةَ وبنتَ الأخ لا يَرِثانِ مع إخْوَتِهما، فلا يَرِثانِ مُنفَرِدَتَينِ كالأجْنَبِيَّات، ولأِنَّ انْضِمامَ الأخ إلَيهِما يُقَوِّيهما، بدليلِ: أنَّ بناتِ الاِبن والأخَوات من الأب يُعصِّبُهنَّ أخُوهُنَّ، فإذا لم يَرِثْ هاتان مع أخِيهِما؛ فَمَعَ عَدَمِه أَوْلَى، ولأِنَّ الموارِيثَ إنَّما ثَبَتَتْ بالنَّصِّ، وهو مُنْتَفٍ هنا.

وجوابُه: قَولُه تعالى: ﴿وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأنفَال: ٧٥]؛ أيْ: أحقُّ بالتَّوارُث في حكم الله تعالى.

قال العلماءُ: كان التَّوارُثُ في ابْتِداء الإسلام بالحِلْفِ، فكان الرَّجُلُ يقول للرَّجل: دَمِي دَمُكَ، ومالِي مالُكَ، تَنصُرُنِي وأنْصُرُكَ، وتَرِثُنِي وأَرِثُك، فيَتعاقَدانِ الحِلْفَ بَينَهما على ذلك، فيَتَوارَثانِ به دُونَ القَرابة؛ لقَولِه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ عاَقَدَتْ (٢) أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ [النِّسَاء: ٣٣]، ثُمَّ نُسِخَ ذلك، وصار التَّوارُثُ بالإسلام والهِجْرة، فإذا كان له وَلَدٌ، ولم يُهاجِرْ؛ وَرِثَه المهاجِرُونَ دُونَه؛ لقَولِه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ


(١) أخرجه سعيد بن منصور (١٦٣)، وأبو داود في المراسيل (٣٦١)، - ومن طريقه البيهقي في الكبرى (١٢٢٠٤) - والدارقطني (٤١٥٦)، عن عطاء مرسلاً، ووصله الحاكم (٧٩٩٨)، عن أبي سعيد الخدري ، وتفرد بوصله ضرار بن صرد، وقد ضعفه أكثر الأئمة، وقال البخاري والنسائي: (متروك)، وله شاهد من حديث ابن عمر عند الحاكم (٧٩٩٦)، وفي سنده: عبد الله بن جعفر المديني وهو ضعيف، وشاهد آخر عند الحاكم (٧٩٩٧)، وفيه: سليمان بن داود الشاذكوني وهو متروك، وشاهد آخر عند الدارقطني (٤١٥٩)، من حديث أبي هريرة ، وضعفه الدارقطني، ورجح هو وابن الملقن المرسل. ينظر: خلاصة البدر ٢/ ١٣٠، تهذيب التهذيب ٤/ ٤٥٦.
(٢) وهي قراءة غير الكوفيين من القراء. ينظر: شرح طيبة النشر لابن الجزري ص ٢١٥.