ولا فَرْقَ في هذه الحالِ بَينَ المسلِم والكافِرِ؛ لِتَساوِي العَدْلِ والفاسِق في الاِعْتِراف والدَّعْوَى.
فإن اعترف به أحدُهما؛ ثبت له؛ لأِنَّه لا مستَحقَّ له سِواهُ، ولَزِمَه قِيمةُ نصيبِ شريكه؛ لاِعْتِرافِهِ بها، وله ولاؤه كلُّه، وإلاَّ فلِبَيت المال.
(وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ؛ لَمْ يَعْتِقْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا)؛ لأِنَّ عِتْقَ المعسِر لا يَسْرِي إلى غَيرِه، بل هو شاهِدٌ على صاحبه بإعْتاقِ نصيبِه.
فإنْ كانا فاسِقَينِ؛ فلا أثَرَ لكلامِهما، وإن كانا عَدْلَينِ؛ عُمِلَ بشَهادتهما؛ لأِنَّ كلَّ واحِدٍ منهما لا يَجُرُّ إلى نفسه نفعًا، ولا يَدفَعُ عنها ضَرَرًا.
وقِيلَ: في العِتق شاهِدٌ ويمينٌ.
فإنْ حَلَفَ مَعَهما؛ عَتَقَ كلُّه، وإنْ حَلَفَ مع أحدهما؛ عَتَقَ نصفُه، على الرِّواية الأخرى، ويَبقَى نصفُه رقيقًا، ذَكَرَه الخِرَقِيُّ.
وذَكَرَ ابنُ أبي موسى: لا يُصدَّق أحدُهما على الآخر، وذَكَرَه في «زاد المسافر»، وعلَّله: بأنَّهما خَصمانِ، ولا شَهادةَ لخَصْم على خَصمِه.
(وَإِنِ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ؛ عَتَقَ حِينَئِذٍ)؛ لأِنَّه مُعتَرِفٌ بحرِّيَّته، (وَلَمْ يَسْرِ إِلَى نَصِيبِهِ)؛ لأِنَّ السِّرايةَ فرعُ الإعتاق، ولم يُوجَدْ منه ذلك، وإنَّما حُكِمَ عليه بالعتقِ؛ لاِعْتِرافِه أنَّ شَريكَه أعْتَقَه، ولا يَثبُتُ له عَلَيهِ ولاءٌ؛ لأنَّه لا يدَّعِي إعْتاقَه، بل يَعتَرِفُ بأنَّ المعتِقَ غَيرُه، وإنَّما هو مخلِّص له ممَّن يَسْتَرِقُّه، فهو كالأسير من أيدي الكفَّار.