للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عبْدًا أعْتَقَه سيِّدُه عِنْدَ الموت وعليه دَينٌ، فاسْتَحْسَن ذلك أحمدُ (١).

(وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَعْتِقَ ثُلُثُهُمْ)، هذا روايةٌ ذَكَرَها أبو الخَطَّاب، فَعَلَى هذا: يَعتِقُ منه بِقَدْر الثُّلث، ويُرَدُّ الباقِي؛ لأِنَّ تصرُّف المريض في ثلثِه كتصرُّف الصَّحيح في ماله، وكما لو لم يَكُنْ عَلَيهِ دَينٌ.

ولأِنَّه تبرُّعٌ في مَرَض مَوتِه بما يُعتَبَرُ خُروجُه من الثُّلث، فقُدِّمَ عَلَيهِ الدَّينُ كالهبة (٢).

فإنْ قال الوَرَثةُ: نحن نُمْضِي العتقَ، ونَقْضِي الدَّينَ؛ لم يَنفُذْ في وَجْهٍ؛ لأِنَّ الدَّينَ كان مانِعًا منه، فيكون باطلاً، ولا يَصِحُّ بزوال المانع بَعدَه.

وفي آخرَ: يَنفُذُ العِتْقُ؛ لأِنَّه إذا سَقَطَ الدَّينُ؛ وَجَبَ نُفوذُه.

وقِيلَ: أصلُهما: إذا تصرَّف الورثةُ في التَّركة ببيعٍ وغيرِه، وعلى الميِّت دَينٌ، وقُضِيَ الدَّينُ؛ هل يَنفُذُ؟ فيه وجْهانِ.

فرعٌ: إذا أعْتَقَ المريضُ ثلاثةَ أعْبُدٍ لا مالَ له غَيرُهم، فأقْرَعَ الورثةُ، فأعْتَقُوا واحدًا وأرَقُّوا اثنَينِ، ثُمَّ ظَهَرَ عليه دَينٌ يَستَغْرِقُ نصفَهم؛ فوَجْهانِ:

أحدهما: تَبطُل القُرعةُ.

والثَّاني: لا، فيُقالُ للورثة: اقضُوا ثُلثَي الدَّينِ، وهو بقدرِ قيمةِ نصفِ العَبدَينِ اللَّذَينِ بَقِيَا، إمَّا من العبيد أو من غَيرِهم، ويَجِبُ ردُّ نصف العبد الذي عَتَقَ، فإن كان الذي أعْتَقَ العَبدَينِ؛ أَقرَعَ بَينَهما، فإذا خرجتْ لأِحدِهما، وكان بقَدر السُّدس من التَّركة؛ عَتَقَ وبِيعَ الآخَرُ في الدَّين، وإنْ كان أكثرَ منه؛


(١) ينظر: مسائل ابن منصور ٨/ ٤٤٩٨.
(٢) قوله: (ولأِنَّه تبرُّعٌ في مَرَض مَوتِه بما يُعتَبَرُ خُروجُه من الثُّلث، فقُدِّمَ عَلَيهِ الدَّينُ كالهبة) تعليلٌ للقول الأول، ولذلك ذكره في المغني والشارح تعليلاً للمذهب، في كون الأعبُد يُباعون في الدَّين، خلافًا لما يوهمه كلام المصنف من أنه دليل للقول الثاني. ينظر: المغني ١٠/ ٣٢٩، الشرح الكبير ١٩/ ١١٥.