للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عَتَقَ بقَدْر السُّدس، فإن كان أقلَّ؛ عَتَقَ، وعَتَقَ من الآخَر تمامُ السُّدسِ.

(وَإِنْ أَعْتَقَهُمْ، فَأَعْتَقْنَا ثُلُثَهُمْ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَخْرُجُونَ مِنْ ثُلُثِهِ؛ عَتَقَ مَنْ أُرِقَّ مِنْهُمْ)؛ أيْ: إذا أعْتَقَ عبيدَه في مرضه، لم يَعتِقْ منهم إلاَّ الثُّلثُ، ويَرِقُّ الثُّلثانِ إذا لم يُجِزِ الورثةُ.

فإذا فُعِل ذلك، ثُمَّ ظَهَر له مالٌ بقدر ثُلثَيهم؛ تبيَّنَّا أنَّهم عَتَقُوا حِينَ أعْتَقَهم؛ لأِنَّ تصرُّفَ المريض في ثُلُثِ ماله نافِذٌ، وقد بانَ أنَّهم ثُلثُ ماله، وخَفاءُ ذلك علينا لا يَمنَعُ كَونَه مَوجُودًا، فلا يَمنَعُ كَونَ العتق واقِعًا، فعلى هذا: يكونون أحرارًا من حين أعتقهم، وكَسْبُهم لهم.

وإِنْ كان تصرَّفَ فيهم ببيعٍ ونحوِه؛ كان باطِلاً، وإنْ كانوا قد تصرَّفوا؛ فحُكمُهم كالأحرار، فلو تزوَّج منهم عبدٌ بغَيرِ إذْنِ سيِّده؛ كان نكاحُه صحيحًا، وَوَجَبَ عليه المهرُ.

وإنْ ظَهَرَ له بقدر قيمتهم؛ عَتَقَ ثُلثاهم؛ لأِنَّه ثلثُ جميعِ المال، وإنْ ظَهَرَ له مالٌ بقدر نصفهم؛ عَتَقَ نصفُهم، وإنْ كان بقدر ثلثِهم؛ عَتَقَ أربعةُ أتْساعِهم، وعلى هذا الحِسابُ.

(وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ؛ جَزَّأْنَاهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، كُلُّ اثْنَيْنِ جُزْءًا، وَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمْ بِسَهْمِ (١) حُرِّيَّةٍ وَسَهْمَيْ رِقٍّ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ؛ عَتَقَ، وَرَقَّ الْبَاقُونَ) في قَولِ أكثرِ العلماء؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ﴾ [آل عِمرَان: ٤٤]، وقوله تعالى: ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١)[الصَّافات: ١٤١]، وعن عِمرانَ بنِ حُصَينٍ: «أنَّ رجلاً من الأنصارِ أعْتَقَ ستَّةَ مَمْلوكَينِ في مَرضِه، لا مالَ له غَيرُهم، فجزَّأهم النَّبيُّ ثلاثةَ أجْزاءٍ، فأعْتَقَ اثنَينِ، وأَرَقَّ أربعةً، وقال له قَولاً شديدًا» رواهُ الجماعةُ إلاَّ البُخارِيَّ (٢)، قال


(١) في (ق): بسهمي.
(٢) أخرجه مسلم (١٦٦٨)، وأبو داود (٣٩٥٨)، والترمذي (١٣٦٤)، والنسائي (١٩٥٨)، وابن ماجه (٢٣٤٥).