للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن عطاءٍ عن جابِرٍ قال: «بِعْنا على عهد النَّبيِّ وأبي بكرٍ، فلمَّا كان عمرُ نهانا فانْتَهَينا» رواه أبو داودَ (١).

وإنَّما كَرِهَ ذلك أحمدُ للاخْتِلاف فيه، فقِيلَ: لا تعتِقُ بمَوته.

وهل هذا الخلافُ شُبْهَةٌ؟ فيه نِزاعٌ، والأقوى شبهةٌ، قاله الشَّيخ تقيُّ الدِّين، وأنَّه يَنبَنِي عليه: لو وَطِئَ مُعتَقِدًا تحريمَه، هل يَلحَقُه نسبُه، أوْ يُرجَمُ المحصَنُ؟ أمَّا التَّعزيرُ فواجِبٌ (٢).

قال ابنُ عَقيلٍ في «الفنون»: يَجوزُ البَيعُ؛ لأِنَّه قَولُ عليٍّ وغيرِه، وإجْماعُ التَّابِعِينَ لا يَرفَعُه، وحكاه بعضُهم: إجماعَ الصَّحابة (٣).

(وَلَا عَمَلَ عَلَيْهِ)، ولَيسَ هذا روايةً مخالِفةً لِمَا نَصَّ عليه في روايةِ الجماعةِ؛ لأِنَّ السَّلَفَ يُطلِقون الكراهةَ على التَّحريم كثيرًا، ومتى كان التَّحريمُ مُصرَّحًا به؛ وجب الحَمْلُ عليه.

وقَولُ جابِرٍ لَيسَ بصَرِيحٍ في ذلك، وأجاب جماعةٌ: بأنَّه كان مباحًا، ثُمَّ نَهَى عنه، ولم يَظهَر النَّهيُ لِمَنْ باعَ؛ لأِنَّ أبا بكرٍ لم تَطُلْ مُدَّتُه، وكان مُشْتَغِلاً بما هو أهمُّ من أمر الدِّين، ثُمَّ ظَهَرَ ذلك زمنَ عمرَ، فأظْهَرَ المنْعَ اعْتِمادًا على النَّهي؛ لتعذُّرِ النَّسخ حِينَئِذٍ.


(١) أخرجه أبو داود (٣٩٥٤)، وابن حبان (٤٣٢٤)، والحاكم (٢١٨٩)، والبيهقي في الكبرى (٢١٧٩١)، قال الحاكم والذهبي: (صحيح على شرط مسلم)، قال الألباني: (وهو كما قالا). ينظر: الإرواء ٦/ ١٨٩.
(٢) ينظر: الفروع ٨/ ١٦٦، الاختيارات ص ٢٨٩.
(٣) ينظر: التمهيد ٣/ ١٣٧، المنتقى للباجي ٦/ ٢٢.