للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«التَّرغيب»؛ حِذارًا مِنْ إضرار السَّيِّد بتَكرارِ الفداء مع مَنْعه مِنْ بَيعها، ولأِنَّها جانيةٌ، فلم يَلزَمِ السَّيِّدَ أكثرُ مِنْ قِيمتِها؛ كما لو لم يَكُنْ فَداها.

وعلى هذه: قال ابنُ حَمْدانَ: قلتُ: يَرجِعُ الثَّاني على الأوَّل بما يَخُصُّه مِمَّا أَخَذَه، كذا أطْلَقهما الأكثرُ، وقيَّدها القاضِي في رِوايَتَيهِ، والمؤلِّفُ في «المغْنِي»، حاكيًا له عن أبي الخَطَّاب: بما إذا فَداها أوَّلاً بقيمتها.

ومُقتضَى (١) هذا: أنَّه لو فَداها أوَّلاً بالأَرْش؛ لَزِمَه فِداؤها ثانيًا بما بَقِيَ من قيمتها بلا خِلافٍ.

فَرْعٌ: إذا جَنَتْ جِناياتٍ قَبْلَ الفِداء؛ تعلَّق أرشُ الجميع برَقَبتها، ولم يَكُنْ عليه فيها كلِّها إلاَّ الأقلُّ من قيمتها أو أَرْشِ جميعِها، ويَشتَرِكُ الجميعُ في الواجِبِ لهم.

فإنْ أَبْرَأَ بعضُهم من حقِّه؛ توفَّر الواجِبُ على الباقين، إذا كانت كلُّها قَبْلَ الفِداء، وإنْ كان المعفوُّ عنها بعدَ فِدائه؛ توفَّر أرْشُها على سيِّدها.

(وَإِنْ قَتَلَتْ سَيِّدَهَا عَمْدًا؛ فَعَلَيْهَا الْقِصَاصُ) إنْ لم يَكُنْ له منها وَلَدٌ، وإنْ كان له منها ولدٌ، وهو الوارِثُ وحدَه؛ فلا قِصاصَ، وكذا إنْ كان معه غيرُه على الأصحِّ؛ لأِنَّه وَرِثَ بعضَ الدَّم، وحِينَئِذٍ إذا لم يَجِب القِصاصُ؛ فَعَلَيها قيمةُ نَفْسِها، وقد توقَّف أحمدُ في هذه المسألةِ في رِوايةِ مُهَنَّى (٢)، وعَنْهُ: يَقتُلُها أوْلادُه مِنْ غَيرِها.

(فَإِنْ عَفَوْا عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً؛ فَعَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا)، كذا أطْلَقَه الخِرَقِيُّ والقاضِي وأصحابُه، وهو روايةٌ؛ لأِنَّ الجنايةَ وُجِدتْ منها، وهي مملوكةٌ، فَوَجَبَ عليها قيمةُ نَفْسِها.

وقال أبو الخَطَّاب، والمجْدُ، وابنُ حَمْدانَ: عَلَيها الأقلُّ من قِيمتِها أو


(١) في (ظ): ويقتضي.
(٢) ينظر: المغني ١٠/ ٤٨٥.