للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَّا الحرِّيَّة؛ فَلِأَنَّ «النَّبيَّ خيَّر بَرِيرَةَ حينَ عَتَقَتْ تحتَ عبدٍ» (١)، وإذا ثبت الخيارُ في الاستدامة؛ ففي الابتداء أَوْلَى، ولأِنَّ الرِّقَّ نَقصُه كثيرٌ، وضَرَرُه بيِّنٌ، فإنَّه مشغولٌ عن امرأته بخدمةِ (٢) سيِّده، ولا يُنْفِقُ نفقةَ الموسِرِينَ، ولا على ولده.

وأمَّا الصِّناعةُ؛ فلِأَنَّ ذلك نقصٌ في عُرْف النَّاس، أشْبَهَ نَقْصَ النَّسَب، وقد رُوِيَ: «العَربُ بعضُهم لبعضٍ أكْفاءٌ، قبيلةٌ لقبيلةٍ، وحيٌّ لحيٍّ، ورجلٌ لرجلٍ، إلا حائكٌ أوْ حجَّامٌ»، ذَكَرَه ابنُ عبد البَرِّ في «التَّمهيد» (٣)، وذكر أنَّه حديثٌ مُنكَرٌ (٤)، وأنَّ أحمدَ قال: العملُ عليه، لَمَّا سأله مُهنَّى (٥).

وأمَّا اليَسارُ؛ فلِأَنَّ في عرف النَّاس التَّفاضُل في ذلك، ولقوله لفاطمةَ بنتِ قَيسٍ حين أخبرته بخُطَّابها، فقال لها: «أمَّا مُعاوِيةُ فصُعْلوكٌ لا مالَ له» (٦)، ولأِنَّ على الموسِرة ضَرَرًا في إعْسار زَوجها؛ لإخْلاله بنَفَقتها ونفقةِ ولدها.


(١) أخرجه مسلم (١٥٠٤)، من حديث عائشة .
(٢) في (ق): بحقوق.
(٣) أخرجه ابن عدي في الكامل (٦/ ١٧٣)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (١٠١٧)، من حديث ابن عمر مرفوعًا. وفيه عمران بن أبي الفضل: ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًّا. وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (١٠١٨، ١٠١٩)، من طريقين آخرين، وفي أحدهما: علي بن عروة القرشي، وهو متروك. وفي الآخر: محمد بن الفضل بن عطية، وهو متروك الحديث، كذاب. والحديث ضعفه ابن عدي، وابن حبان - وعدّوه من مناكير عمران بن أبي الفضل - وضعفه البيهقي وابن الجوزي وابن القطان والزيلعي، وحكم عليه ابن عبد البر والألباني بالوضع، وقال أبو حاتم: (هذا حديث منكر). وروي بسند آخر منقطعًا. ينظر: الضعفاء الكبير ٣/ ٣٠٣، الجرح والتعديل ٦/ ٣٠٣، العلل لابن أبي حاتم ٤/ ٤١، ٨٤، المجروحين لابن حبان ٢/ ١٤٢، نصب الراية ٣/ ١٩٧، البدر المنير ٧/ ٥٨٣، الإرواء ٦/ ٢٦٨.
(٤) ينظر: التمهيد ١٩/ ١٦٤.
(٥) ينظر: زاد المسافر ٣/ ١٨٥.
(٦) جزء من حديث فاطمة بنت قيس ، أخرجه مسلم (١٤٨٣).