للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَكَرَ الشَّيخُ عزُّ الدِّين بن عبد السَّلام: أنَّه كان في شريعةِ موسى جَوازُ التَّزويج من غَيرِ حَصْرٍ، وفي شريعة عيسى لا يَجوزُ أكثرُ من واحدةٍ؛ لمصلحةِ النِّساء، فَرَاعَت شريعتُنا مصلحةَ النَّوعَينِ (١).

(وَلَا لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَكْثَرَ مِنِ اثْنَتَيْنِ)، إجماعًا (٢)، وسَنَدُه: أنَّ الحكمَ بنَ عُيَيْنةَ (٣) قال: «أجمعَ أصحابِ النَّبيِّ على أنَّ العبدَ لا يَنْكِحُ إلاَّ اثنتَينِ، ولا يَجوزُ أكثرُ من ذلك» رواه الشَّافِعِيُّ (٤)، وهو قَولُ عمرَ (٥)، وعليٍّ (٦)، وعبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ (٧)، وبه يتخصَّصُ عمومُ الآية، أو يُقالُ: الآيةُ إنَّما تَناوَلَت الحرَّ؛ لأِنَّ فيها ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النِّسَاء: ٣]، والعبدُ لا يَملِكُ، ولو مَلَكَ فنَفْسُ ملكِه لا يبِيحُ التَّسَرِّيَ.


(١) ينظر: قواعد الأحكام ١/ ٤٤.
(٢) ينظر: المحلى ٩/ ١١، الاستذكار ٥/ ٥١٢، والذي في المغني ٧/ ٨٥: (أجمع أهل العلم على أن للعبد أن ينكح اثنتين، واختلفوا في إباحة الأربع).
(٣) كذا في النسخ الخطية، وصوابه كما في المصادر: ابن عتيبة.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (١٦٠٤٤)، والبيهقي في الكبرى (١٣٨٩٨)، وابن حزم (٩/ ١١)، عن ليث بن أبي سليم، عن الحكم. وجعله في المحلى: عن «عطاء» مكان «الحكم».
(٥) أخرجه عبد الرزاق (١٢٨٧٢)، وسعيد بن منصور (١٢٧٧)، والشافعي في الأم (٥/ ٤٤)، والطحاوي في مشكل الآثار (٧/ ٤٦٢)، والدارقطني (٣٨٣٠)، والبيهقي في الكبرى (١٣٨٩٥)، عن عبد الله بن عتبة، عن عمر قال: «ينكح العبد ثنتين، ويطلق تطليقتين، وتعتد الأمة حيضتين»، وصححه الألباني في الإرواء ٧/ ١٥٠.
(٦) أخرجه عبد الرزاق (١٣١٣٣)، وابن أبي شيبة (١٦٠٣٥)، والبيهقي في الكبرى (١٣٨٩٧)، من طريق محمد بن علي بن الحسين، عن عليٍّ قال: «لا ينكح العبد فوق اثنتين»، وإسناده منقطع.
(٧) أخرجه عبد الرزاق (١٣١٣٥)، عن ابن سيرين، أن عمر بن الخطاب، سأل الناس: «كم يحل للعبد أن ينكح؟»، فقال عبد الرحمن بن عوف: «اثنتين». وأخرجه سعيد بن منصور (٧٨٦)، وابن أبي شيبة (١٦٠٤٢)، والبيهقي في الكبرى (١٣٨٩٦)، عن محمد بن سيرين بالقصة، بدون ذكر عبد الرحمن بن عوف، وفيه: فقام إليه رجل. وابن سيرين لم يدرك عمر .