للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولأِنَّه عَقْدُ مُعاوَضةٍ، فلم يَنفَسِخْ باخْتِلاف الدَّار؛ كالبيع.

تنبيهٌ: إذا أسْلَمَ أحدُهما، وتخلَّف الآخَرُ حتَّى انْقَضَت العِدَّةُ؛ انْفَسَخَ النِّكاحُ في قولِ عامَّتهم.

وعن أحمد: تُردُّ إلى زوجها وإنْ طالَت المدَّةُ، وهو قَولُ النَّخَعِيِّ؛ لِمَا رَوَى ابنُ عبَّاسٍ: «أنَّ النَّبيَّ ردَّ زينبَ على زوجها أبي العاص بن الرَّبيع بعْدَ ستِّ سِنينَ بالنِّكاح الأوَّل، ولم يُحدِثْ نكاحًا» رواه أحمدُ، وأبو داودَ، والتِّرمِذيُّ، ولفظُه له، وقال: لَيسَ بإسناده بأسٌ، وصحَّحه أحمدُ (١).

وجوابُه: بأنَّه يَحتَمِلُ أنْ يكونَ قَبْلَ نزولِ تحريمِ المسلِماتِ على الكفَّار، أوْ تكونَ حامِلاً استمرَّ حَمْلُها، أو مريضةً لم تَحِضْ ثلاثَ حِيَضٍ حتَّى أسْلَمَ زوجُها، أو تكونَ رُدَّتْ إليه بنكاحٍ جديدٍ، رواه أحمدُ والتِّرمِذيُّ عن الحجَّاج، عن عَمْرِو بن شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه: «أنَّ النَّبيَّ ردَّ ابنتَه على أبي العاص بنكاحٍ جديدٍ، ومهرٍ جديدٍ»، قال أحمدُ: هذا ضعيفٌ، وقال


(١) أخرجه أحمد (١٨٧٦)، وأبو داود (٢٢٤٠)، والترمذي (١١٤٣)، والدارقطني (٣٦٢٦)، والحاكم (٢٨١١)، من طرق عن محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس . وعند أحمد والترمذي: «بعد ست سنين»، وفي روايةٍ عند أحمد (٣٢٩٠)، والحاكم (٦٨٤٦): «بعد سنتين». وسنده حسن، وابن اسحاق صرّح فيه بالحديث كما عند أحمد والترمذي، لكن مداره على داود بن الحصين، وهو وإن كان ثقة إلاّ أنّ أحاديثه عن عكرمة خاصة متكلّم فيها. والحديث صححه أحمد والحاكم وابن كثير والألباني. وذهب البخاري والدارقطني وغيرهما إلى أنّ: (أصحّ ما في الباب حديثُ ابن عباس). وادّعى ابن عبد البر: أنَّه منسوخ، وردّه ابن حجر. ينظر: العلل الكبير للترمذي (٢٨٩)، معرفة السنن ١٠/ ١٤٣، التمهيد ١٢/ ٢٣، تهذيب السنن ٦/ ٢٣٣، نصب الراية ٣/ ٢٠٩، تاريخ الإسلام ٣/ ٦٣٠، تفسير ابن كثير ٨/ ٩٣، فتح الباري ٩/ ٤٢٣، الإرواء ٦/ ٣٣٩.