للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وظاهر المذهب: أنَّ الكفَّارة دينار أو نصفه على وجه التَّخيير؛ لما روى ابن عبَّاس عن النَّبيِّ قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: «يتصدَّق بدينار أو نصفه» رواه أحمد، والتِّرمذي، وأبو داود وقال: (هكذا الرِّواية الصَّحيحة) (١).

وعنه: نصفه. وعنه: نصفه في إدباره. وعنه: بل في أصفر (٢).

وما ذكرناه هو المشهور؛ لأنَّه معنًى تجب فيه الكفَّارة، فاستوى الحال فيه بين إقباله وإدباره وصفاتِه؛ كالإحرام، لا يقال: كيف يخيَّر بين الشيء ونصفه؟! لأنَّه كتخيير المسافر بين الإتمام والقصر.

وظاهره: لا فرق بين كونه ذهبًا مضروبًا أو تِبْرًا، نقله الجماعة.

واعتبر الشَّيخ تقِيُّ الدِّين: كونه مضروبًا (٣)، قال في «الفروع»: (هو أظهر)؛ لأنَّ الدِّينار اسم له كما في الدِّية.

وذكر في «الرِّعاية»: هل الدينارُ هنا عشرة أو اثنا عشر؟ يحتمل وجهين، ومراده: إذا أخرج دراهم كم يخرج؛ وإلَّا فلو أخرج ذهبًا؛ لم تعتبر قيمتُه بلا شكٍّ.

وأنَّه لا فرق بين النَّاسي والمكرَه، والجاهلِ بالحيض أو التَّحريمِ أو هما؛ للعموم.


(١) أخرجه أحمد (٢٠٢٣)، وأبو دواد (٢٦٤)، والترمذي (١٣٦)، واختلف في رفعه ووقفه، ورجحه موقوفًا ابن السكن والإشبيلي والنووي، ومال أحمد إلى تقويته واحتج به، قال: (ما أحسن حديث عبد الحميد، فقيل له: تذهب إليه؟ قال: نعم)، وصححه مرفوعًا الخطابي، وابن القطان، وابن حجر، والألباني، وغيرهم، ووقع في هذا الحديث اضطراب في متنه أيضًا، والرواية المحفوظة هي: (دينار أو نصف دينار)، كما بين ذلك أبو داود في سننه. ينظر: بيان الوهم والإيهام ٥/ ٢٧١، التلخيص الحبير ١/ ٤٢٧، صحيح أبي داود ٢/ ١٥.
(٢) قوله: (بل في أصفر) هو في (ب): في الصفرة. وفي (أ): بلى في أصفر.
(٣) ينظر: شرح العمدة ١/ ٤٦٩.