للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَعَنْهُ: يَوْمٌ)، اختارها أبو بكر؛ لأنَّ الشَّرع علَّق على الحيض أحكامًا، ولم يبيِّنه، فعُلم أنَّه ردَّه إلى العُرف؛ كالقَبْض والحِرْز، وقد وُجِد حَيضٌ معتادٌ يومًا، ولم يوجد أقل منه، قال عَطاءٌ: (رأيت من تحيض يومًا) رواه الدَّارقطني (١)، وقال الشَّافِعِيُّ: (رأَيْتُ امرأة قالت (٢): إنَّها لم تزل تحيض يومًا لا يزيد) (٣)، وقال أبو عبد الله الزُّبيرِيُّ: (كان في نسائنا من تحيض يومًا) (٤).

فمن قال به أخذ بظاهر الإطلاق، يؤيده قول الأوزاعي: (عندنا امرأةٌ تحيض بُكرةً، وتطهُر عَشيَّةً).

ومن قال باليوم واللَّيلة، قال: إنَّه المفهوم من إطلاق اليوم، ومن ثَمَّ قال القاضي: يمكن حمل كلام أحمد: (أقلُّه يوم)؛ أي (٥): بليلته، فتكون المسألةُ روايةً واحدةً، وهذه طريقة الخلَّال، ولكن الأكثر على خلافها.

(وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) في ظاهر المذهب، قال الخلَّال: لا اختلاف فيه؛ لقول عطاء: «رأيت من تحيض خمسة عشر يومًا» (٦)، يؤيِّده ما رواه عبد الرَّحمن (٧) بن أبي حاتم في «سننه» عن ابن عمر مرفوعًا أنَّه قال: «النِّساء ناقصات عقلٍ ودينٍ»، قيل: وما نُقصانُ دينِهِنَّ؟ قال: «تمكث (٨) إحداهنَّ شطر عمرها لا تصلِّي»، وذكر ابن المُنَجَّى: (أنَّه رواه البخاري)، وهو خطأ، قال


(١) أخرجه الدارقطني (٨٠١)، وأخرجه الدارمي (٨٧٣)، والبيهقي في الكبرى (١٥٣٢)، عن عطاء بلفظ: «أدنى الحيض يوم».
(٢) في (و): كانت.
(٣) ينظر: الأم ١/ ٨٢. ينظر: الأم ١/ ٨٢.
(٤) ينظر: الكافي ١/ ١٣٨.
(٥) قوله: (أي) سقط من (و).
(٦) أخرجه الدارمي (٨٧٠)، والدارقطني (٧٩٧)، والبيهقي في الكبرى (١٥٣٦).
(٧) كتب على حاشية (و): (ينظر هل ابن أبي حاتم راوٍ أسند الحديث أم لا، فإنَّا لم نر ولم نسمع لعبد الرحمن بسند، وأيضًا يؤيده قول البيهقي: لم أجده في شيء من كتب الحديث).
(٨) في (أ): قلت.