للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثلاثًا، فردَّه إليها» رواه سعيدٌ (١)، وهذا كان وعيدًا، ولأِنَّ الإكْراه إنَّما يتحقَّقُ بالوعيد، فإنَّ الماضِيَ من العقوبة (٢) لا يَندَفِعُ بفِعْل ما أُكْرِهَ، وإنَّما يُباحُ الفعل (٣) المكره؛ دَفْعًا لِمَا يُتوعَّدُ به من العقوبة فيما بعد (٤).

فعلى هذا يُشتَرَطُ له أمورٌ:

أحدُها: أنْ يكونَ ما هدَّده فيه ضرر (٥) كثيرٌ؛ كالقَتْل والضَّرْب الشَّديدِ، فأمَّا (٦) السَّبُّ والشَّتْمُ فلَيسَ بإكْراهٍ روايةً واحدةً، وكذا أخْذُ المال اليسيرِ، والضَّرْبُ في حقِّ مَنْ لا يُبالِي به.

الثَّاني: أنْ يكونَ التهديد (٧) مِنْ قادِرٍ؛ لأِنَّ غَيرَه لم يخف (٨) وقوع المحذور به؛ لأِنَّه يُمْكِنُ دَفْعُه.

الثَّالثُ: أنْ يَغلِبَ على الظَّنِّ وُقوعُ ما هدَّده به.

فرعٌ: ضَرْبُ وَلَدِه وحَبْسُه ونحوُهما؛ إكْراهٌ لوالده (٩).

وإكْراهٌ على عِتْقٍ ويمينٍ ونحوِهما؛ كطَلاقٍ.

(وَعَنْهُ: لَا يَكُونَ مُكْرَهًا حَتَّى يَنَالَهُ شَيْءٌ مِنَ الْعَذَابِ؛ كَالضَّرْبِ، وَالْخَنْقِ، وَعَصْرِ السَّاقِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ) والقاضِي، والشريف (١٠)، وأبو الخَطَّاب،


(١) تقدم تخريجه ٨/ ١١٥ حاشية (٤).
(٢) قوله: (من العقوبة) سقط من (م).
(٣) في (م): لفعل.
(٤) في (م): يعد.
(٥) في (م): ضرب.
(٦) في (م): وأما.
(٧) في (م): للتهديد.
(٨) في (م): لم يحق.
(٩) في (م): كوالده.
(١٠) قوله: (والشريف) سقط من (م).