للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: تَطْلُقُ بِالطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ)؛ لأِنَّ المحلَّ صالِحٌ له، (وَيَلْغُو مَا قَبْلَهُ)؛ أي: تعليقُه باطِلٌ؛ لأِنَّه طلاقٌ في زمنٍ ماضٍ، أشْبَهَ قَولَه: أنتِ طالِقٌ أمسِ، ولأِنَّه لو وَقَعَ المعلَّقُ لَمنَعَ وقوعَ المنجَّزِ، فإذا لم يَقَع المنجَّزُ؛ بَطَلَ شَرطُ المعلَّق، فاسْتَحالَ وقوعُ المعلَّق، ولا استحالةَ في وقوع المنجَّز، فيَقَعُ.

وقِيلَ: لا يَقَعُ شيءٌ، أمَّا المنجَّزُ فلأنَّه (١) لو وَقَعَ لَوَقَعَ ثلاثٌ قَبْلَه؛ لوجود الشَّرط، ولو كان كذلك لَمَا وَقَعَ؛ إذْ لا مزيدَ على الثَّلاث، فَلَزِمَ من وقوعه عدمُ وقوعه، فلم يَقَعْ، وأمَّا المعلَّق فإنَّه إذا لم يَقَع المنجَّزُ؛ لم يُوجَد الشَّرطُ.

وهذا ما صحَّحه الأكْثَرُونَ من الشَّافعيَّة، وحكاه بعضُهم عن النَّصِّ (٢)، وقاله الشَّيخُ أبو حامِدٍ شَيخُ العراقيِّينَ (٣)، والقَفَّالُ شيخُ المَراوِزَة (٤)، قال في «المهمَّات» (٥): (فكيف تسوغ (٦) الفَتْوَى بما يُخالِفُ نصَّ الشَّافعيِّ وكلامَ الأكثرين).

ونَصَرَ في «الشَّرح» الأوَّلَ، وأكَّده بقوله (٧): إذا انفسخ نكاحُكِ فأنتِ طالِقٌ قَبْلَه ثلاثًا، ثُمَّ وُجِدَ ما يَفسَخُ النِّكاحَ من رضاعٍ أوْ رِدَّةٍ، فإنَّه يَرِدُ على


(١) في (م): فإنه.
(٢) أي: نص الشافعي. ينظر الأم ٥/ ١٩٨.
(٣) هو: أحمد بن محمد بن أحمد الإسفراييني، أبو حامد، من أعلام الشافعية. من مصنفاته: أصول الفقه، ومختصر في الفقه سماه الرونق، توفي سنة ٤٠٦ هـ. ينظر: طبقات الشافعية للسبكي ٤/ ٦١، سير أعلام النبلاء ١٧/ ١٩٣.
(٤) هو: عبد الله بن أحمد بن عبد الله المروزي، يعرف بالقفال الصغير، شيخ الخراسانيين، وليس هو القفال الكبير، توفي سنة ٤١٧ هـ. ينظر: طبقات الشافعية للسبكي ٥/ ٥٣، سير أعلام النبلاء ١٧/ ٤٠٥.
(٥) ينظر: المهذب ٣/ ٤٠، المهمات في شرح الروضة ٧/ ٤٠٢.
(٦) في (م): يسوغ.
(٧) في (م): فقوله.