للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال في «الشَّرح»: لا ينبغي أنْ يثبُتَ الحِلُّ بالقرعة، وهو قَولُ أكثرِ أهلِ العلم، فالكلامُ إذًا في شَيئَينِ:

أحدهما: في استعمال القرعة في المنسيَّة في التَّوريث.

الثَّاني: استعمالُها في الحلِّ.

فالأوَّلُ جائزٌ؛ لأِنَّ الحقوقَ إذا تساوَتْ على وجهٍ لا يُمكِنُ التَّمييزُ إلاَّ بالقرعة؛ صحَّ؛ كالشركاء (١) في القسمة.

وأمَّا الثاني؛ فلا يصحُّ استعمالُها؛ لأِنَّها اشتبهتْ زوجتُه بأجنبيَّةٍ، فلم تَحِلَّ إحداهما بالقرعة.

(وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُ التِي خَرَجَتْ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ؛ رُدَّتْ إِلَيْهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ)؛ لأِنَّه ظَهَرَ أنَّها غيرُ مطلَّقةٍ، والقرعة ليست بطلاقٍ ولا كنايةٍ، وهذا إذا لم تكُنْ تزوَّجتْ؛ لأِنَّه أمْرٌ لا يُعرَفُ إلاَّ من جهته، فقُبِلَ قَولُه.

(إِلاَّ أَنْ تَكُونَ قَدْ تَزَوَّجَتْ)؛ لأنَّها (٢) قد تعلَّقَ بها حقُّ الزَّوج الثَّاني، (أَوْ تَكُونَ (٣) القرعةُ (بِحُكْمِ حَاكِمٍ)، نَصَّ عليه في روايةِ الميمونيِّ (٤)؛ لأِنَّ قرعةَ الحاكم بَينَهما حكمٌ بالتَّفريق، وليس لأِحدٍ رَفْعُ ما حَكَمَ به الحاكِمُ، قال ابن أبي موسى: وفي هذا دليل على أنَّ لحكم الحاكم تأثيرًا في التَّحريم.

(وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ حَامِدٍ)، وقدَّمه في «الرِّعاية»: (تَطْلُقُ الْمَرْأَتَانِ)، أمَّا المطلَّقةُ فحقيقةً، وأمَّا التي خرجت بالقرعة؛ فَلِأَنَّ الطَّلاقَ إذا وقع يستحيل رفْعُه، ولأِنَّها حَرُمَتْ عليه بقوله، وتَرِثُه إنْ مات ولا يَرِثُها، وعلى قولهما: يلزمه نفقتُها (٥)، ولا يَحِلُّ له وطؤُها، والأُولى بالقرعة، قاله في «الشَّرح».


(١) في (م): كالشرط.
(٢) في (ظ): لأنه.
(٣) في (م): وتكون.
(٤) ينظر: المغني ٧/ ٤٩٩.
(٥) في (م): يلزمه نفقة نفقتها.