للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثَّاني: بَلَى؛ كما لو أفْطَرَ لغَيرِ عُذْرٍ.

وإنْ أفْطَرَ لسفرٍ يُبِيحُ الفِطْرَ، فالأظْهَرُ عن أحمدَ في روايةِ الأثْرَم: أنَّه لا يَنقَطِعُ (١)، وقاله الحَسَنُ؛ لأِنَّه أفْطَرَ لِعذْرٍ يُبيحُ الفِطْرَ في رمضانَ؛ كفِطْرِ الحائض.

وقِيلَ: بلى، وقاله (٢) الأكثرُ؛ لأِنَّ السَّفَرَ حَصَلَ باخْتِياره، فَقَطَعَه، كما لو أفْطَرَ لغَيرِ عُذْرٍ.

وفي «الرَّوضة»: إنْ أفْطَرَ لعُذْرٍ؛ كمَرَضٍ وعِيدٍ؛ بَنَى وكفَّرَ كفَّارةَ يمينٍ، قِيلَ لأِحمدَ: مُظاهِرٌ أفْطَرَ لمرضٍ يُعيدُ؟ قال: أرجو أنَّه في عُذْرٍ (٣).

فرعٌ: إذا أكَلَ يَظُنُّ أنَّ الفَجْرَ لم يَطلُعْ، وكان قد طَلَعَ، أوْ أفْطَرَ يَظُنُّ أنَّ الشَّمسَ قد غابَتْ، ولم تَغِبْ؛ أفْطَرَ، وفي انْقِطاعِ التَّتابُعِ وجْهانِ.

(وَإِنْ أَصَابَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا؛ انْقَطَعَ التَّتَابُعُ)، وقالَهُ الثَّورِيُّ وأبو عُبَيدٍ، والأكثرُ؛ لقوله تعالى: ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَآسَّا﴾، [المجَادلة: ٤] أَمَرَ بهما خالِيَيْنِ من التَّمَاسِّ، ولم يُوجَدْ، ولأِنَّ تحريمَ الوطء لا يَختَصُّ بالصيام (٤)، فاسْتَوَى فيه اللَّيلُ والنَّهارُ؛ كالاعتكاف.

لا يُقالُ: الواطئ (٥) ما بَقِيَ إلى كفَّارته سَبِيلٌ؛ لأِنَّ الآيةَ دلَّت ألاَّ يُوجَدَ التَّمَاسُّ قَبْلَ الشَّهرَينِ، ولا فيها، فإذا تعذَّر اشْتِراطُ أحدِهما؛ وَجَبَ الآخَرُ؛ لِإِمْكانِه.

(وَعَنْهُ: لَا يَنْقَطِعُ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا)؛ أيْ: لا يَنقَطِعُ التَّتابُعُ بفِعْلِه لَيلاً ولا نَهارًا


(١) ينظر: المغني ٨/ ٧٢.
(٢) في (م): وقال.
(٣) ينظر: مسائل صالح ١/ ٣٩٦، الفروع ٩/ ١٩٨.
(٤) في (ظ): الصيام.
(٥) في (م): الوطء.