للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كمالِه (١)؛ لأِنَّه يُدَّخَرُ ويُتهيَّأ لمنافعه كلِّها، بخلافِ غيره.

ونَقَلَ ابنُ هانئ (٢): التَّمرُ والدَّقيق أحبُّ إليَّ ممَّا سواهما.

وفي «التَّرغيب»: التَّمرُ أعْجَبُ إلى أحمدَ.

فإنْ أخْرَجَ دقيقًا جاز؛ لأِنَّه أجزاء الحبِّ (٣)، وقد كفَاهم مُؤنتَه، وهيَّأه لهم، بخلاف الهريسة؛ فإنَّها تَفسُدُ عن قُرْبٍ، وفي السَّوِيق الخلافُ السَّابقُ.

(وَفِي الْخُبْزِ رِوَايَتَانِ)، المنصوصُ: الإجزاءُ (٤)، اخْتارَه الخِرَقيُّ؛ لقوله تعالى: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المَائدة: ٨٩]، والمُطْعِمُ للخبز من أوْسَطِ ما يُطعِم أهلَه، ولأِنَّه مُهيَّأٌ للأكل.

والثَّانية: لا، وهو ظاهر «المحرَّر» و «الفروع»؛ لأِنَّه خَرَجَ عن حال الكمال والادِّخار، أشْبَهَ الهَرِيسَةَ.

قال القاضي وأصحابُه: الأَوْلى الجَوازُ، وفي «المغني»: هو أحسَنُ، وهذا من أوْسَط ما يُطعِمُ أهْلَه، ولَيسَ الاِدِّخارُ مقصودًا في الكفَّارة، فإنَّها مُقدَّرةٌ بما يَقُوتُ المسكينَ في يومه، وهذا مُهيَّأ للأكل المعتاد للاقْتِيات به، وأمَّا الهَريسةُ فإنَّها خَرَجَتْ عن (٥) الاقتياتِ المعتادِ إلى حَيِّز (٦) الإدام.

(فَإِنْ كَانَ قُوتُ بَلَدِهِ غَيْرَ ذَلِكَ)؛ كالذُّرَةِ، والأَرُزِّ؛ (أَجْزَأَهُ مِنْهُ)، في قَولِ أبي الخَطَّاب، والمؤلِّفِ وغيرِهما؛ (لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المَائدة: ٨٩]) وهذا مِمَّا يُطعِمُه أهلَه، فَوَجَبَ أنْ يُجزِئَه بظاهر النَّصِّ.


(١) في (م): كمال.
(٢) زيد في (م): في. وينظر: مسائل ابن هانئ ٢/ ٧٤.
(٣) في (م): لحب.
(٤) ينظر: الروايتين والوجهين ٢/ ١٨٩.
(٥) في (م): من.
(٦) في (م): حين.