للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحِينَئِذٍ يَجِبُ الاِسْتِبْراءُ؛ لِإزالةِ الاِحْتِمالِ.

فعلى هذا: في صحَّةِ البيع رِوايَتانِ، جَزَمَ في «الشَّرح» بصحَّتِه في الظَّاهِر؛ لأِنَّ الأصلَ عَدَمُ الحَمْل.

والثَّانيةُ: لا يجب (١)، قدَّمها في «المحرَّر»، وجَزَمَ بها في «الوجيز»، وهي قَولُ الأكْثَرِ؛ لأِنَّه يَجِبُ على المشْتَرِي، فأغْنَى عن اسْتِبْراءِ البائع.

قال في «المغْنِي»: وذَكَرَ أصحابُنا الرِّوايَتَينِ في كلِّ أَمَةٍ يَطَؤها، مِنْ غَيرِ تفريقٍ بَينَ الآيِسة وغَيرِها، والْأَوْلَى أنَّه لا يَجِبُ في الآيِسة؛ لأِنَّ عِلَّةَ الوُجوب احْتِمالُ الحَمْل، وهو بعيدٌ، والأصْلُ عَدَمُه، فلا يثْبتُ به حكمٌ بمجرَّده.

والثَّالِثةُ: يَلزَمُه ولو لم يَطَأْ، ذكرها (٢) أبو بكرٍ في «مقنعه» واختارها.

ونقَلَ حنبلٌ: فإنْ كانَتِ البائعةُ امرأةً، قال: لا بُدَّ أنْ يَسْتَبْرئَها، وما يُؤمِنُ أنْ تكونَ قد جاءتْ بحَمْلٍ، وهو ظاهر (٣) ما نَقَلَه جماعةٌ (٤).

(وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا؛ لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاؤُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ)؛ لأِنَّه قد حَصَلَ يَقينُ براءتها منه.

(الثَّالِثُ: إِذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ، أَوْ أَمَةً كَانَ يُصِيبُهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا؛ لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءُ نَفْسِهَا)؛ لأِنَّ كلَّ واحِدةٍ منهما مَوطُوءةٌ وَطْئًا له حُرْمةٌ، فَلَزِمَها اسْتِعْلَامُ براءةِ رَحِمِها؛ كالمَوطوءةِ بشُبْهةٍ، (إِلاَّ أَنْ تَكُونَ مُزَوَّجَةً، أَوْ مُعْتَدَّةً)، أوْ فَرَغَتْ عِدَّتُها مِنْ زَوجها؛ فأعْتَقَها وأراد تزويجَها قبلَ وَطْئِها؛ (فَلَا يَلْزَمُهَا اسْتِبْرَاءٌ)؛ لأِنَّه زالَ فِراشُه عنها قَبْلَ وُجوبِ الاِسْتِبْراءِ؛ كما لو طلَّق امرأتَه قَبْلَ دخوله بها.


(١) في (ظ): لا تجب.
(٢) في (م): ذكره.
(٣) قوله: (ظاهر) سقط من (م).
(٤) ينظر: الفروع ٩/ ٢٧٣.