للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجوابه: أنَّ ما وُجِدَ من الرَّضْعة في الحَولَينِ كافٍ (١) في التَّحريم، بدليلِ ما لو انْفَصَل مِمَّا بعدَه.

واغتفر (٢) الشَّيخُ تقيُّ الدِّين ما لو رَضَعَ قبلَ الفِطام، قال: أوْ كبيرٌ لحاجةٍ (٣)، نحو: جعله مَحْرمًا؛ لِمَا رَوَتْ عائشةُ: أنَّ سَهْلَةَ بنتَ سُهيل (٤) بن عمرو جاءت إلى النَّبيِّ فقالت: يا رسولَ الله إنَّ سالِمًا مَولَى أبي حُذَيفةَ مَعَنَا في بَيتِنا، وقد بَلَغَ ما تَبلُغُ الرِّجالُ، وعَلِمَ ما تَعلَمُ الرِّجالُ، فقال: «أرْضِعِيهِ تَحرُمِي عليه» رواه مسلِمٌ (٥).

وجَوابُه: بأنَّه (٦) خاصٌّ به دُونَ سائرِ النَّاس؛ جَمْعًا بَينَ الأدِلَّةِ.

وعُلِمَ ممَّا سَبَقَ: أنَّ الاِعْتِبارَ بالحَولَينِ، فلو فُطِمَ قبلَهما، ثُمَّ ارْتَضَعَ فيهما حَصَلَ التَّحريمُ، ولو لم يُفطَمْ حتَّى جاوَزَهما، ثُمَّ ارْتَضَعَ قَبْلَ الفِطام؛ لم يَثبُتْ.

(الثَّانِي: أَنْ يَرْتَضِعَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ)، وهو الصَّحيحُ، وهو قَولُ عائشةَ (٧)، وابنِ مسعودٍ (٨)، وابنِ الزُّبَير (٩)، وغَيرِهم؛ لِمَا رَوَتْ


(١) في (م): كان.
(٢) في (م): واعتبر.
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى ٣٤/ ٦٠، الاختيارات ص ٤٠٨.
(٤) في (م): سهل.
(٥) أخرجه مسلم (١٤٥٣).
(٦) في (م): أنه.
(٧) أخرجه عبد الرزاق (١٣٩١٢)، والدارقطني (٤٣٩٣)، والبيهقي في الكبرى (١٥٦٣٢)، عن عروة، عن عائشة قالت: «لا يحرم دون خمس رضعات معلومات»، إسناده صحيح، صححه ابن حجر، وسقط من إسناده عند عبد الرزاق ذكر عروة وهو في بقية المصادر.
(٨) لم نقف عليه بهذا المعنى، والمروي عنه خلافه كما سيأتي عن علي . ينظر: مختصر الخلافيات ٤/ ٣٠٦، الفتح ٩/ ١٤٧.
(٩) لعل مراده ما أخرجه عبد الرزاق (١٣٩١٩)، وسعيد بن منصور (١٣٩١٩)، والدارقطني (٤٣٩٤)، والبيهقي في الكبرى (١٥٦٤٢)، عن عمرو بن دينار، أنه سمع ابن عمر سأله رجل، أتحرم رضعة أو رضعتان؟ فقال: «ما نعلم الأخت من الرضاعة إلا حرامًا»، فقال رجل: إن أمير المؤمنين - يريد ابن الزبير - يزعم أنه لا تحرم رضعة ولا رضعتان. فقال ابن عمر: «قضاء الله خير من قضائك وقضاء أمير المؤمنين»، وإسناده صحيح، وصححه البيهقي.